القانون الروماني-خلال ألف عام من الأخطاء والتغييرات، حتى إذا ما بعث بعثاً جديداً في بولونيا Bologna في القرن الثاني عشر أحدث انقلاباً عظيماً في القانون المدني لأوربا اللاتينية والقانون الكنسي للكنيسة الرومانية. وكان القانون البحري البيزنطي الذي سنه ليو الثالث والمستمد من الأنظمة البحرية لرودس القديمة أول مجموعة من القوانين التجارية في العالم المسيحي في العصور الوسطى؛ وقد أصبح في القرن الحادي عشر مصدراً لقوانين أخرى من نوعه في جمهوريتي تراني Trani وأملفي Amalfi الإيطاليتين، ومن هذا الطريق سرى إلى التراث القانوني في عصرنا الحاضر.
أما القانون الريفي فكان محاولة صادقة جديرة بالثناء للوقوف في وجه الإقطاع وإنشاء طبقة من الفرحين الأحرار. فقد وهب هذا القانون قطعاً صغيرة من الأرض إلى الجنود المتقاعدين؛ وكانت أرض واسعة من أملاك الدولة يزرعها الجند على أن يكون عملهم فيها نوعاً من الخدمة العسكرية، وكانت مساحات واسعة تزرعها الطوائف الخارجة على الدين المنقولة من آسية إلى تراقية وبلاد اليونان. وكانت أقاليم أوسع رقعة من هذه وتلك تستقر فيها جماعات البرابرة، ترغمهم على ذلك الحكومة أو تبسط حمايتها عليهم لأنها ترى أن وجودهم في داخل الإمبراطورية أقل خطورة من وجودهم في خارجها؛ وعلى هذا النحو استقر القوط في تراقية وإليريا، واللمبارد في بانونيا، والصقالبة في تراقية ومقدونية وبلاد اليونان؛ ولم يستهل القرن الحادي عشر حتى كان الجنس الصقلبي هو الجنس الغالب في البلوبونيز، وحتى كثر عدد الصقالبة في أتكا وتساليا. وتعاونت الدولة والكنيسة على إنقاص عدد الأرقاء؛ فحرمت الشرائع الإمبراطورية بيع الأرقاء الذين ينضمون إلى الجيش أو رجال الدين أو يتزوجون من شخص حر. وكان عمل العبيد في القسطنطينية مقصوراً في الواقع على العمل في المنازل، أما في غيرها من المدن فكانت تجارة الرقيق رائجة.