والجواهر والصحاف والأثاث الثمين، والمنسوجات الغالية، وما لا يحصى من الماشية، وآلافاً من العبيد (١٩).
ولم يكن الأباطرة يسرون كل السرور بهذه الهدايا اليونانية؛ ذلك بأن هذا الثراء المجتمع من لحوم ملايين الناس ودمائهم كان يكسب أصحابه سلطاناً، وأنهم إذا اجتمعوا كانوا خطراً شديداً على أي ملك أو إمبراطوراً. ولهذا كان الأباطرة يعملون بدافع مصالحهم الشخصية وحب الإنسانية على وقف تركيز الثروة على هذا النحو. من ذلك أن شتاء ٩٢٧ - ٩٢٨ القارس قد أعقبه قحط ووباء، فباع الفلاحون أرضهم إلى كبار الملاك بأثمان منخفضة إلى أقصى حد، ومنهم من تخلى عنها نظير لقمة العيش. ولهذا أصدر رومانوس نائب الإمبراطور "مرسوماً جديداً" يندد فيه بالملاك ويصفهم بأنهم "أظهروا أنهم أشد قسوة من القحط والوباء"؛ وطالبهم بأن يردوا كل الأملاك التي ابتاعوها من أصحابها بأقل من نصف "الثمن المجزئ"؛ وأجاز لكل من باع أرضه أن يشتري في خلال ثلاث سنين ما باعه منها بالثمن الذي باعه به، ولكن هذا المرسوم لم تكن له نتيجة تستحق الذكر؛ وظل تركيز الملكية يجري في مجراه، وزاد الطين بلّة أن كثيرين من الفلاحين اضطرتهم الضرائب الباهظة إلى بيع أراضيهم والهجرة إلى المدن-إلى القسطنطينية إن استطاعوا-وإلى المعيشة من الإعانات الحكومية. وجدد باسيل الثاني النضال بين الأباطرة والأعيان، فأصدر في عام ٩٩٦ مرسوماً يبيح للبائع أن يستعيد في أي وقت ما باعه من الأرض بالثمن الذي باعه به؛ وألغى عقود الأراضي التي استولى عليها الملاك بطريقة تخالف قانون عام ٩٣٤؛ وأمر بأن تعود هذه الأراضي من فورها إلى ملاكها السابقين ومن غير ثمن. واستطاعت كثرة الملاك أن تحتال على التملص من هذه القوانين، ونشأ من ذلك في الشرق البيزنطي في أزمنة غير متصلة، قبل بداية القرن الحادي عشر، نظام معدل من أنظمة الإقطاع. ولكن جهود الأباطرة لم تذهب