عشرين من المجالس الكنسية، وقد أفل ستة وستين كتاباً، وكان رئيس شارل الأصلع، وكاد ينشئ حكومة دينية في فرنسا.
واتصفت المسيحية في كل بلد بصفات أهله القومية، فأصبحت في أيرلندة صوفية، عاطفية، فردية النزعة، انفعالية؛ أدخلت فيها الجنيات، والشعر، وخيال الكلت العجيب الرقيق، وورث القساوسة قوى الدرويد السحرية، وأساطير الشعراء الغنائيين، وكان النظام القبلي في البلاد مساعداً على تفكك الكنيسة-حتى كادت كل جهة فيها يكون لها "أسقف" مستقل. وكان الرهبان فيها أكثر عدداً وأعظم نفوذاً من الأساقفة والقساوسة، وكان أولئك الرهبان يعيشون جماعات قلّما تزيد الواحدة منها على اثني عشر راهباً يقيمون في أديرة شبه منعزلة، معظمها مستقلة بشئونها ومنتشرة في أنحاء الجزيرة، تعترف للبابا برياسة الكنيسة، ولكنها لا تخضع لإشراف خارجي من أي نوع كان. وكان الرهبان الأسبقون يعيشون في صوامع منفصلة، ويعمدون إلى التنسك والزهد، ولا يجتمعون إلا في أوقات الصلاة. وجاء بعدهم جيل آخر-"الطبقة الثانية من القديسين الأيرلنديين"-خرجوا على هذه التقاليد المصرية، فكانوا يدرسون مجتمعين ويتعلمون اللغة اليونانية، وينسخون المخطوطات، وينشئون المدارس لرجال الدين وغير رجال الدين. وتخرج في المدارس الأيرلندية في القرنين السادس والسابع عدد متتابع من جبابرة القديسين الذائعي الصيت انتقلوا منها إلى اسكتلندة، وإنجلترا، وغالة، وألمانيا، وإيطاليا، ليعلموا فيها المسيحية المظلمة ويعيدوا إليها الحياة. وقد كتب أحد الفرنجة في عام ٨٥٠ يقول:"تكاد أيرلندة كلها تهرع إلى جماعات إلى سواحلنا ومعها حشدن الفلاسفة"(٣٠). وهكذا انعكست الآية واستُرِدَّ الدَّين، فبعد أن طردت غارات الألمان غالة وبريطانيا العلماء من هذين البلدين إلى إيرلندة، أخذ المبشرون الأيرلنديون يلقون بأنفسهم على فاتحي إنجلترا الوثنيين من الإنجليز والسكسون،