للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والنرويجيين، والدنمرقيين، وعلى المسيحيين الأميين نصف الهمج في غالة وألمانيا، يحملون الكتاب المقدس بإحدى يديهم والمخطوطات اليونانية والرومانية القديمة باليد الأخرى، ولاح وقتاً ما أن الكلت سوف يستردون عن طريق المسيحية ما خسروه من الأراضي بالقوة. وبذلك كانت العصور المظلمة هي التي أشرقت فيها الروح الأيرلندية وتلألأت كما لم تتلألأ من قبل ولا من بعد.

وكان أعظم أولئك المبشرين هو سانت كولمبا St. Columba، نحن نعرف الشيء الكثير عنه من سيرته التي كتبها له (حوالي عام ٩٧٦) أدمنان Adamnan أحد خلفائه في أيونا Iona. وقد ولد كولمبا في دنجال Donegal عام ٥٢١، وكان يجري في عروقه دم الملوك؛ وكان ما كان بوذا قديساً في وسعه أن يكون ملكاً. وبدا عليه وهو طالب في مدرسة موفيل Moville من الورع ما جعله معلمه يلقبه كولمبكيل Columbkille أي عماد الكنيسة. وأنشأ مذ كان في الخامسة والعشرين من عمره عدداً من الكنائس والأديرة أشهرها كلها ما كان منها في دري Derry، ودرو Durrow، وكلز Kells ولكنه لم يكن قديساً فحسب، بل كان فوق ذلك مكافحاً "قوي البنية. جهوي الصوت" (٣١)، سبب له تهوره كثيراً من النزاع ثم إلى الحرب مع الملك ديرمويد Diarmuid؛ ودارت بينهما آخر الأمر معركة قتل فيها، على حد قولهم، ٥٠٠٠ رجل. وانتصر فيها كولمبا ولكنه رغم انتصاره فر من أيرلندة (٥٦٣)، وهو مصمم على أن يهدي إلى المسيحية من الأرواح بقدر من قتل في معركة كولدرفنا Cooldrevna. وأنشأ وقتئذ في جزيرة أيونا القريبة من شاطئ اسكتلندة الغربي ديراً من أعظم أديرة العصور الوسطى وأوسعها شهرة. ومن هذا الدير نشر هو ومريدوه الإنجيل في جزيرة هبريده Hebrides، واسكتلندة، وشمالي إنجلترا. وبعد أن هدى آلافاً من الوثنيين إلى الدين المسيحي وزخرف ثلاثمائة "كتاب نبيل" مات وهو يصلي عند المذبح في الثامنة والسبعين من عمره.