عنه المسيحيون في مائة عام كاملة، والتقت الثقافتان المسيحية والإسلامية فترة من الزمان وهما متفاهمتان، تحترم كلتاهما الأخرى، ووجدتا أن في وسعهما أن يعيشا معاً في صفاء ووئام. واغتبط سكان الأرض المقدسة المسيحيون، ولكن جريجوري التاسع نادى بان تلك المعاهدة سبة للعالم المسيحي، وأبى أن يقرها. ولما رجع فردريك إلى بلاده استولى النبلاء المسيحيون المقيمون في فلسطين على بيت المقدس، وعقدوا حلفاً بين القوة المسيحية في آسيا، وبين أمير دمشق المسلم ضد سلطان مصر المسلم (١٢٤٤). واستنجد سلطان مصر بأتراك خوارزم، فخف هؤلاء لنجدته واستولوا على بيت المقدس ونهبوها، وقيلوا عدداً كبيراً من أهلها. وبعد شهرين من ذلك الوقت هزم بيبرس المسيحيين في غزة، وسقطت مدينة بيت المقدس مرة أخرى في أيدي المسلين (أكتوبر سنة ١٢٤٤).
وبينا كان إنوسنت الرابع يدعو إلى حرب صليبية على فردريك الثاني ويعرض على كل من يقاتلون الإمبراطور في إيطاليا نفس المنح والمزايا التي يمنحها من يخدمون في الأراضي المقدسة، نظم لويس التاسع أو القديس لويس ملك فرنسا الحملة الصليبية السابعة. ذلك أنه لبس شارة الصليب بعد زمن قليل من سقوط أورشليم، وأقنع نبلاء بلاده أن يحذوا حذوه؛ ولما حل عيد الميلاد أهدى إلى بعض المسيحيين الذين ظلوا ممتنعين عن الانضمام إلى الحملة أثواباً غالية الثمن نقشت عليها شارة الصليب. وبذل الملك جهده للتوفيق بين إرنوسنت وفردريك حتى تلقى الحملة الصليبية تأييد أوربا متحدة. لكن إنوسنت رفض وساطته، وزاد على هذا الرفض أن بعث راهباً يدعى جيوفي ده بيانو كربيني Giovanni de Piano Carpini إلى خان المغول الأعظم يعرض عليه اتحاد المغول والمسيحيين على الأتراك. ورد عليه الخان بان طلب خضوع البلاد المسيحية للمغول. فلما حل عام ١٢٤٨ سار لويس على رأس الفرسان الفرنسيين ومعهم جان جوانفيل الذي روي أعمال الملك في تاريخه الذائع الصيت. ووصلت الحملة إلى دمياط، واستولت عليها بعد