للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جميع الأحزاب المتنافرة إلى هذا الجانب أو ذاك، وأنهكت قوى المسيحيين في فلسطين. واغتنم بيبرس أحد السلاطين المماليك في مصر هذه الفرصة فزحف بجيشه على الساحل واستولى على المدن المسيحية مدينة في إثر مدينة: قيصرية (١٢٦٥)، وصفد (١٢٦٦)، وبافا (١٢٦٧)، وإنطاكية (١٢٦٨). وقتل من وقع في الأسر من المسيحيين أو استرقوا، وقاست إنطاكية من النهب والحرق ما لم تفق منه قط فيما بعد.

وثارت حمية لويس من جديد في شيخوخته فلبس شارة الصليب مرة أخرى (١٢٦٧)، وحذا حذوه أبناؤه الثلاثة، ولكن النبلاء الفرنسيين لم يوافقوا على خطته وقالوا إنها سخافة بلهاء، وأبوا أن ينضموا إليه؛ وحتى جوانفيل نفسه رفض رفضاً باتاً أن يشترك في الحملة الصليبية التالية. ونزل الملك- الحصيف في حكمه، الأخرق في حربه- بقواته القليلة في بلاد تونس؛ وكان يرجو من وراء ذلك أن يحمل أميرها على اعتناق الدين المسيحي، وأن يهاجم مصر من جهة الغرب. ولكنه لم تكد تطأ قدماء أرض إفريقية حتى "أصيب بنزلة معوية شديدة" (٦٠) ومات وهو يردد لفظ إدوارد، ولي عهد إنجلترا في عكا، وقاد بعض هجمات جريئة قامت بها حاميتها، ثم عاد مسرعاً إلى إنجلترا ليضع على رأسه التاج الإنجليزي.

وحلت بالمسيحيين الكارثة الأخيرة حين نهب بعض المغامرين منهم قافلة للمسلمين في بلاد الشام، وشنقوا تسعة عشر من التجار المسلمين، ونهبوا بعض البلدان الإسلامية. وطلب السلطان الترضية الكافية عن هذا الاعتداء؛ ولم يجب إلى طلبه، فلم يسعه إلا أن يزحف عليها بعد حصار دام ثلاثة وأربعين يوماً. فلما سقطت في