أوربا، فقد اخذوا يستمتعون بما تدره عليهم هذه الأملاك؛ وإذ كانت أملاكهم معفاة من الضرائب فقد كان في وسعهم أن يقرضوا المال بفوائد أقل من التي يتقاضاها اللمبارد واليهود، وجمعوا هذا ثروة طائلة. هذا إلى أنهم لم يكونوا كفرسان المعبد ينشئون المستشفيات والمدارس أو يقدمون المعونة للفقراء؛ وأثارت أموالهم الطائلة المكنوزة، ودولتهم المسلحة في داخل الدولة، وعدم خضوعهم لسلطان الملوك أثارت هذه كلها حسد فليب الرابع الجميل لهم وخوفه منهم وغضبه عليهم؛ فقبض في الثاني عشر من شهر أكتوبر عام ١٣١٠ على جميع من كان في فرنسا من فرسان المعبد دون سابق إنذار لهم ووضع الخاتم الملكي على جميع ممتلكاتهم. واتهمهم فليب باللواط، وبأنهم فقدوا إيمانهم بالدين المسيحي لطول اختلاطهم بالمسلمين، وبأنهم ينكرون المسيح ويبصقون على الصليب، ويعبدون الأوثان، ويحالفون المسلمين سراً، وأنهم طالما خانوا القضية المسيحية. وحوكم السجناء أمام محكمة من المطارنة والرهبان الموالين للملك، فأنكروا التهم الموجهة إليهم، وعذبوا لكي يعترفوا، فمنهم من علقوا من معاصمهم وكانوا يرفعون وينزلون فجأة، ومنهم من وضعت أقدامهم عارية أمام النيران ومنهم من دقت شظايا حادة بين أظافر أيديهم، ومنهم من كانت تقتلع لهم سن كل يوم، ومنهم من علقت أوزان ثقيلة في أعضائهم التناسلية، ومنهم من ماتوا موتاً بطيئاً من الجوع. وكانت جميع وسائل التعذيب السالفة الذكر تستخدم مع أولئك الفرسان في كثير من الحالات، فكانت النتيجة أن الكثيرين منهم حين جيء بهم ليعاد استجوابهم كانوا ضعافاً موشكين على الموت. وأظهر واحد منهم العظام التي سقطت من قدميه المحروقتين. واعترف الكثيرون منهم بجميع التهم التي وجهها لهم الملك، وقال بعضهم إنهم قد تلقوا وعداً مختوماً بخاتم الملك أن يؤمنوا على حياتهم وترد لهم أملاكهم إذا اقروا بارتكاب التهم التي توجهها لهم الحكومة، ومات بعضهم في السجون، وانتحر البعض الآخر؛ وشد تسعة وخمسون على