للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كنعان%=@من بين الآثار التي وجدت في كنعان (عام ١٩٣١ م) قطع من الخزف من بقايا عصر البرنز (٣٠٠٠ ق. م) عليها اسم إله كنعاني يسمى ياه أو ياهو. @ فصاغوه في الصورة التي كانوا هم عليها، وجعلوا منه إلهاً، صارماً، ذا نزعة حربية، صعب المراس، ثم جعلوا لهذه الصفات حدوداً تكاد تبعث الحب في القلوب. ذلك أن هذا الإله لا يطالب الناس بأن يعتقدوا أنه عالم بكل شيء؛ وشاهد ذلك أنه يطلب من اليهود أن يميزوا بيوتهم بأن يرشوها بدماء الكباش المضحاة لئلا يهلك أبناءهم على غير علم منه مع من يهلكهم من أبناء المصريين (٦١). كذلك لا يرى أنه معصوم من الخطأ، ويرى أن أشنع ما وقع فيه من الأخطاء هو خلق الإنسان؛ ولذلك تراه يندم بعد فوات الفرصة على خلق آدم وعلى ارتضائه أن يكون شاؤل ملكاً. وتراه من حين إلى حين شرهاً، غضوباً، متعطشاً للدماء، متقلب الأطوار، نزقاً نكداً: "أتراءف على من أترأف، وأرحم من أرحم" (٦٢). وهو يرضى عما استخدمه يعقوب من ختل وخداع في الانتقام من لابان (٦٣)؛ وضميره لا يقل مرونة عن ضمير الأسقف الذي يندفع في تيار السياسة. وهو كثير الكلام، يحب إلقاء الخطب الطوال، وهو حي لا يسمح للناس أن يروا منه إلا ظهره (٦٤). وقصارى القول أنه لم يكن للأمم القديمة إله آدمي في كل شيء كإله اليهود هذا.

ويلوح أنه كان في بداية الأمر إلهاً للرعد يسكن الجبال (٦٥)، ويعبده الناس للسبب الذي كان جوركي الشاب يؤمن من أجله بالله إذا أرعدت السماء. وحوّل كاتبو أسفار موسى الخمسة، وهم الذين كانوا يتخذون الدين أداة للسياسة، إله الرعد هذا إلى إله الحرب، فأصبح يهوه في أيديهم القوية إلهاً للجيوش يدعو للفتح والاستعمار، يحارب من أجل شعبه بنفس القوة التي كان يحارب بها آلهةُ الإلياذة. وفي ذلك يقول موسى: "الرب رجل حرب" (٦٦). ويردد داود صدى هذا القول نفسه فيقول: "الذي يعلّم يدي القتال" (٦٧). ويعِد يهوه أن