"يطرد الحويين والكنعانيين والحيثيين" يطردهم: "قليلاً، قليلاً"(٦٨)، ويزعج جميع الشعوب الذين تأتي عليهم، وأعطيك جميع أعدائك مدبرين"، ويقول إن الأرض التي فتحها اليهود ملك له وحده (٦٩). وهو لا يقطع معهم ولا مع أعدائهم عهداً سخيفاً؛ ويعرف أن الأرض، حتى الأرض الموعودة نفسها، لا تنال إلا بحد السيف ولا يحتفظ بها إلا بالسيف؛ وهو إله حرب لأنه لابد أن يكون إله حرب؛ وتمر عدة قرون من الهزائم العسكرية والخضوع السياسي، والتطور الأخلاقي، حتى يستحيل هذا الإله إلى والد هلل وإلى المسيح. وهو فخور معجب بنفسه كالجندي؛ يتقبل الثناء ويشتهيه، ويحرص على أن يتباهى بقدرته على إغراق المصريين في البحر: "فيعرف المصريون أني أنا الرب حين أتمجد بفرعون ومركباته وفرسانه" (٧٠). وهو يرتكب في سبيل انتصار شعبه من ضروب الوحشية ما تشمئز منه نفوسنا اشمئزازاً لا يعادله إلا رضاء أخلاق ذلك العصر عنها، ويأمر شعبه بأن يرتكبوا هم هذه الوحشية؛ فهو يذبح أمماً بأكملها راضياً مسروراً من عمله رضاء جلفر Gulliver وهو يقاتل من أجل لليبت Lilliput.
ولما بدأ اليهود يزنون مع بنات موآب قال لموسى:"خذ جميع رؤوس الشعب وعلقهم للرب مقابل الشمس"(٧١)، وتلك هي أخلاق أشوربانيبال وأشور. وهو يعرض رحمته على الذين يحبونه ويتبعون أوامره، ولكنه يفعل ما تفعله جراثيم الأوبئة الفتاكة:"أنا الرب إلهك إله غيور أفتقد ذنوب الآباء في الأبناء في الجيل الثالث والرابع من مبغضي"(٧٢)؛ وهو إله جبار يفكر في إهلاك اليهود على بكرة أبيهم لأنهم عبدوا العجل الذهبي (١)؛ ويضطر موسى إلى أن يراجعه حتى يتملك عواطفه فيقول الرجل لربه:"ارجع عن حمو غضبك واندم على الشر بشعبك"، "فندم الرب على الشر الذي قال أنه يفعله
(١) نكرر هنا ما قلناه من قبل وهو أننا ننقل أقوال المؤلف كما هي وأن ذلك لا يدل على أننا نؤمن بها. (المترجم)