المستمسكون بدينهم خاضعين مباشرة لسلطان البابا. وأضحى جمع المال على هذا النحو سنة متبعة، وسرعان ما استخدمت الأموال المجموعة في أغراض أخرى غير الحملات الصليبية؛ وأصبح من حق البابا أن يفرض الضرائب على رعايا الملوك، وأن يحول إلى روما مبالغ كبيرة من المال، لولا هذا لذهبت إلى خزائن الملوك واستخدمت في الحاجات المحلية؛ وأثار هذا بلا ريب غضب الملوك ومقاومتهم. وكان توزيع صكوك الغفران على من يقوم بالخدمة في فلسطين أربعين يوماً عملاً مشروعاً في العرف العسكري، وكان منح هذه الصكوك الغفرانية نفسها لمن يتكفلون بنفقات محارب من الصليبيين يبدو كذلك من الأعمال التي يمكن التسامح فيها، أما التوسع في منح تلك الصكوك، إلى الذين يؤدون الأموال ليستخدمها البابوات، أو الذين يحاربون حروب البابا في أوربا ضد فردريك، ومانفرد Manfread وكنراد فقد كان مصدراً جديداً من مصادر غضب الملوك واستيائهم، ومبعثاً لفكاهة الناقدين وسخريتهم. وحدث في عام ١٢٤١ أن أمر جريجوري التاسع مندوبه في بلاد المجر أن يعفى الذين أقسموا بالتطوع في الحرب الصليبية من أيمانهم إذا أدوا إليه قدراً من المال، ثم استخدم ما جمعه من الأموال بهذه الطريقة في كفاحه المرير ضد فردريك الثاني (٦٤). وقام الشعراء الجوالون أهل بروفنسال ينتقدون الكنيسة لتحويلها تيار الحرب الصليبية من فلسطين إلى فرنسا، وذلك بعرضها صكوك الغفران نفسها على من يتطوعون لمحاربة المارقين الألبجنسيين في فرنسا (٦٥). ويقول ماثيو باربس Mathew Paris في التعليق على هذا العمل: "ودهش المؤمنون من أن يعد البابوات بغفران جميع خطايا من يسفكون دماء المسيحيين كما تغفر جميع خطايا من يسفكون دماء الكفار"(٦٦). وكان كثيرون من ملاك الأراضي قد باعوا أرضهم للكنائس أو الأديرة أو رهنوها لها ليحصلوا بذلك على ما يلزمهم من المال في الحروب الصليبية، وأصبح للأديرة بفضل هذا ضياع واسعة. ولما أن انحطت مكانة الكنيسة بسبب إخفاق الحروب