وفرارا، وكرمونا، وبياسنزا، وبافيا. وكانت روما تستولي على الإتاوات والعشور من سكان أوربا الأتقياء إلى كنائسها وأضرحتها؛ وكانت سينا Siena، وبولونيا تقعان عند ملتقى الطرق الداخلية الكبرى الكثيرة الإنتاج؛ وكانت ميلان، وكومو، وبريشيا، وفيرونا، والبندقية تجمع في أحجارها ثمار التجارة تنتقل فوق جبال الألب من حوضي الدانوب والرين؛ وكانت جنوى تسيطر على البحر الترهيني، كما كانت البندقية تتحكم في البحر الأدرياوي. وكان أسطول جنوى التجاري يتألف من مائتي سفينة عليها عشرون ألفاً من البحارة، وكانت ثغورها التجارية تمتد من قورسقة إلى طربزون. وكانت جنوى تتجر بكامل حريتها مع بلاد المسلمين كما تتجر معها البندقية وبيزا؛ وأسبانيا الإسلاميتين؛ وكانت كثير من هذه المدن الإيطالية تبيع الأسلحة للمسلمين في أيام الحروب الصليبية، وكان البابوات الأقوياء أمثال إنوسنت الثالث ينددون بالتجارة أياً كانت مع المسلمين؛ ولكن الذهب كان أقوى أثراً من الدين أو الدم المراق، ولهذا ظلت "التجارة المحرمة" تجري في مجراها العادي (٧).
واضمحلت جنوى من جراء حروبها مع البندقية، وتطلعت ثغور فرنسا الجنوبية وأسبانيا الغربية إلى نصيب من تجارة البحر المتوسط؛ واستعادت مرسيليا إلى حين ما كان لها في سابق أيامها من تفوق بعد أن كسدت تجارتها أيام سلطان المسلمين، ولكن منبلييه أخذت في خلال القرن الثاني عشر تنافسها في أن تكون باب فرنسا الجنوبي مدفوعة في هذه المنافسة بسكانها المختلفي الأجناس وثقافتها المتعددة الأصول- غالية، وإسلامية، ويهودية. وأفادت برشلونة من أهلها الذين يتمنى بعضهم إلى الأسر التجارية اليهودية القديمة التي بقيت فيها أن استردت من المسلمين. وإذا كانت جبال البرانس تفصل أسبانيا المسيحية عن سائر أوربا فقد وجدت في هذه المدينة وفي بلنسية وسيلة