للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تتويجه، وزيجاته، وأعياده. وخرج الإمبراطور الشيخ في عام ١١٨٩ على رأس مائة ألف من الرجال إلى الحرب الصليبية الثالثة، ولعله كان يرغب في أن يؤلف من الشرق والغرب إمبراطورية رومانية تعود إلى رقعتها القديمة. ومات الإمبراطور غريقاً في قليقية بعد عام من ذلك الوقت.

وكان فردريك كما كان شارلمان مشبعاً إلى أقصى حد بالتقاليد الرومانية، وقد أنهك قواه بما بذله من الجهد لإحياء ماضيها الميت. وحزن أنصار الملكية المطلقة المعجبون بها لما مني به من الهزائم، وعدوها انتصاراً للفوضى، أما عشاق الديمقراطية فيسرون بها ويرونها مراحل في طريق الحرية. وإذا ما نظرنا إلى أعماله بعينه هو رأيناه على حق فيما فعل؛ فقد كانت ألمانيا وإيطاليا تسيران مسرعتين في طريق الفساد واختلال النظام، ولم تكن سلطة غير سلطة الإمبراطورية القوية تستطيع القضاء على المنازعات والاضطرابات الإقطاعية والحروب القاتمة بين المدن المختلفة، وكان لابد أن يستتب النظام ليمهد السبيل إلى نشأة الحرية القومية. ونسجت حول فردريك الأول في عهود الضعف الألمانية المقبلة أقاصيص دالة على حب الشعب له، وخلع على بربروسه بعد حين من الصفات ما كان القرن الثالث عشر يتصور وجوده في حفيده: فقيل إنه لم يمت بحق بل كل ما في الأمر أنه كان نائماً في جبال كيفهوزر Kyffhauser بثورنجيا Thuringia، وكان في مقدور الناس أن يروا لحيته الطويلة تنمو مخترقة ما يغطيه من الرخام؛ وسوف يستيقظ من نومه في يوم من الأيام، وينفض الثرى عن كتفيه، ويعيد إلى ألمانيا النظام والقوة. ولما أنشأ بسمارك دولة ألمانيا الموحدة قال هذا الشعب الفخور إنه هو بربروسه نهض ظافراً من قبره (٢٢).

وكاد هنري السادس (١١٩٠ - ١١٩٧) يحقق حلم أبيه، فقد انتزع في عام ١١٩٤ جنوبي إيطاليا وصقلية من النورمان بمعونة جنوى وبيزا، وخضعت له إيطاليا كلها عدا الولايات البابوية. وضمت بروفانس، ودوفينيه Cauphine،