وبرغندية؛ وألساس، ولورين، وسويسرا، وهولندة، وألمانيا، والنمسا، وبوهيميا، ومورافيا، وبولندة ضمت هذه كلها إلى أملاك هنري، واعترفت إنجلترا بسيادته عليها، وأدى له المسلمون الموحدون الجزية، وطلبت إنطاكية، وقليقية، وقبرص أن تضم إلى الإمبراطورية، وكان هنري ينظر بنهم إلى فرنسا وأسبانيا، وقد وضع الخطط للاستيلاء على بيزنطية، وكانت الفرق الأولى من جيشه قد أبحرت إلى بلاد الشرق حين أصيب بزحار البطن وقضي نحبه في صقلية وهو في الثالثة والثلاثين من عمره.
ولم يكن هنري قد حسب حساب مناخ هذه البلاد التي فتحها وأعد العدة لاتقاء ثأرها منه. ولم يكن له إلا ولد واحد هو طفل في الثالثة من عمره، وأعقبت موته فترة من الفوضى دامت نحو عشر سنين أخذ المطالبون بالعرش فيها يقتتلون فيما بينهم. ولما أن بلغ فردريك الثاني سن الرشد تجددت الحرب بين الإمبراطورية والبابوية، تجددت في إيطاليا على يد ملك ألماني- نورماني أصبح إيطاليا، سنتحدث عنه فيما بعد حين نتكلم على إيطاليا. وأعقبت موت فردريك الثاني (١٢٥٠) نحو ثلاثين عاماً أخرى من الفوضى يسميها شلر: "العهد المرعب الذي لا سادة فيه"، باع فيه الأمراء الناخبون عرش ألمانيا لكل مستضعف يتركهم أحراراً في أن يوطدوا أركان سلطانهم المستقبل. وتكشف عهد الفوضى عن نهاية أسرة هوهنستاوفن، وأنشأ رودلف الهبسبرجي في عام ١٢٧٣ أسرة جديدة واتخذ فينا عاصمة له. وأراد رودلف أن يكسب تاج الإمبراطورية، فوقع في عام ١٢٧٩ إعلاناً يعترف فيه بخضوع السلطة الملكية البابوية خضوعاً تاماً؛ ويتخلى فيه عن جميع مطالبه في إيطاليا الجنوبية وصقلية. ولم يصبح رودلف إمبراطوراً قط، ولكنه استطاع بشجاعته، وإخلاصه، ونشاطه أن يعيد النظام والرخاء إلى ألمانيا، وأن ينشئ أسرة قوية ظلت تحكم النمسا وهنغاريا حتى عام ١٩١٨.
وبذل هنري السابع (١٣٠٨ - ١٣١٣) آخر الجهود لتوحيد ـألمانيا وإيطاليا