للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

متسولاً وأضحى من ذلك الوقت مدافعاً عن جميع حقوق الكنيسة، وامتيازاتها، ومصادر إيرادها. وكان من بين هذه الامتيازات عدم محاكمة رجال الدين أمام المحاكم المدنية. وثارت ثائرة هنري، وهو الذي كان يطمع في أن يبسط سلطانه على كافة الطبقات، حين وجد أن المحاكم الكنسية كثيراً ما تترك رجال الدين دون أن تعاقبهم على ما يرتكبونه من الجرائم. ولهذا دعا فرسان إنجلترا وأساقفتها إلى اجتماع عقده في كلارندن Clarendon (١١٦٤) ، وحملهم على أن يوقعوا دستور كلارندن الذي قضي على كثير من الحصانات التي كان يتمتع بها رجال الدين. ولكن بكت رفض أن يختتم الوثائق بخاتم أسقفيته الكبرى، فما كان من هنري إلا أن أذاع القوانين الجديدة غير عابئ بهذا الرفض، وقدم الرئيس الديني المريض للمحاكمة أمام المحكمة الملكية. وجاء بكت، وعارض في هدوء أساقفته الذين أعلنوا مع الملك أنه مذنب لخروجه على قوانين سيده الإقطاعي ملك البلاد. ولما أمرت المحكمة بالقبض عليه أعلن أنه سيستأنف القضية أمام البابا، ثم خرج سالماً من القاعة بثيابه الأسقفية التي لم يجرؤ أحد على لمسها. وأطعم في ذلك المساء عدداً كبيراً من الفقراء في بيته بلندن، ثم فر في أثناء الليل متخفياً سالكاً طرقاً ملتوية إلى القناة الإنجليزية، وعبر المضيق المضطرب الماء قارب ضعيف، ووجد ملجأ له في دير قائم في سانت أومر Omer St. في بلاد ملك فرنسا، ثم قدم استقالته من منصب كبير الأساقفة إلى البابا اسكندر الثالث. وأيده البابا في موقفه، وأعاد تعيينه في كرسيه، ولكنه أرسله ليعيش مؤقتاً معيشة راهب سسترسي في دير بنتني Pontigny.

ونفي هنري من إنجلترا جميع أقارب بكت ذكوراً وإناثاً، صغاراً كانوا أو كباراً. ولما جاء هنري إلى نورمندي خرج تومس من صومعته وصعد منبراً في فيزلاي Vezelay، وأعلن حرمان جميع رجال الدين الإنجليز الذين أيدوا دستور كلارندن (١١٦٦). وكان جواب هنري أن هدد بمصادرة أملاك جميع الأديرة