للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أكبر الظن أن كاتبه أو كتابه غير كتاب الأسفار السالفة الذكر. وثمة عنصر رابع يتألف من فصول أضافها الكهنة فيما بعد. والرأي الغالب أن هذه الفصول تكون الجزء الأكبر من "سفر الشريعة" الذي أذاعه عزرا (١٤٢ أ)، ويبدو أن هذه الأجزاء الأربعة قد اتخذت صورتها الحاضرة حوالي عام ٣٠٠ ق. م (١٤٣).

وكانت أساطير الجزيرة هي المعين الغزير الذي أخذت منه قصص الخلق والغواية والطوفان التي يرجع عهدها في تلك البلاد إلى ثلاثة آلاف سنة أو نحوها قبل الميلاد. ولقد رأينا صوراً قديمة من هذه القصص فيما مر بنا من صفحات من هذا الكتاب، ولعل اليهود قد أخذوا بعضها من الأدب البابلي في أثناء أسرهم (١٤٤). ولكن أرجح من هذا أنهم أخذوها قبل ذلك العهد بزمن طويل من مصادر سامية وسومرية قديمة كانت منتشرة في جميع بلاد الشرق الأدنى.

وتقول القصص الفارسية وقصص التلمود الخاصة بالخلق أن الله خلق في بادئ الأمر إنساناً مكوناً من ذكر وأنثى متصلين من الخلف كالتوأمين السياميين، ثم رأى فيما بعد أن يفصل أحدهما عن الآخر. وتحضرنا في هذه المناسبة جملة غريبة وردت في سفر التكوين (الآية الثانية من الأصحاح الخامس):

"يوم خلق الله الإنسان على شبه الله عمله ذكراً وأنثى، خلقة وباركه ودعا اسمه آدم"؛ ومعنى هذا أن ابنا الأول كان ذكراً وأنثى معا- ويبدو أن أحد من رجال الدين إذا استثنينا أرسطو فانيز لم يفطن إلى هذه العبارة (١).

أما قصة الجنة فتظهر في جميع القصص الشعبية في العالم كله- في مصر، والهند، والتبت، وبابل، وبلاد الفرس، واليونان (٢) وبولينيزيا والمكسيك


(١) قارن هذا "بمائدة" أفلاطون.
(٢) قارن هذا بما كتبه الشاعر اليوناني هزيود (حوالي ٧٥٠ ق. م) في العمل والأيام "كان الناس يعيشون كالآلهة مبرئين من الرذائل والشهوات والعضب والنصب، يقضون أيامهم هادئين مسرورين سعداء في رفقة الكائنات الإلهية … وكانت الأرض في تلك الأيام أجمل مما هي الآن، وكانت تخرج من نفسها مقداراً عظيماً من الفاكهة المختلفة الأنواع … وكان الرجال وهم في سن المائة يعدون غلماناً لا أكثر".