وغيرها من البلاد (١٤٥). وفي معظم هذه الجنان أشجار محرمة وفيها كذلك أفاع وهولات سلبت الناس الخلود أو نفثت السم في الجنة (١٤٧). وأكبر الظن أن الحية والتينة كانتا رمزين للشهوات الجنسية.
وتشير هذه القصة إلى أن الشهوة الجنسية والمعرفة تقضيان على الطُهر والسعادة، وأنهما مصدر كل الشرور. وترى هذه الفكرة بعينها في آخر "العهد القديم" في سفر الجامعة، كما تراها هنا في بدايته.
والمرأة في معظم هذه القصص هي الأداة التي تتخذها الحية أو يتخذها الشيطان وسيلة لإيقاع الإنسان في الشر- الجميل، سواء كانت هذه المرأة هي حواء، أو بندورا، أو بوسي الواردة في الأساطير الصينية. فقد جاء في قصص شي جنج أن "كل الأشياء كانت في بداية الأمر خاضعة للإنسان، ولكن امرأة ألقت بنا في ذل الاستعباد فشقاؤنا إذن لم يأتنا من السماء بل جاءت به المرأة، لأنها هي التي أضاعت الجنس البشري. آه! ما أشقاكِ يا بوسي! لقد أشعلت النار التي أحرقتنا والتي تزداد كل يوم ضراماً … لقد ضاع العالم، وطغت الرذيلة على كل شيء".
وقصة الطوفان أكثر انتشاراً من قصة الخلق نفسها، فلا يكاد يوجد في الأمم القديمة أمة لم تعرفها، وقلما يوجد جبل في آسية لم يرس عليه نوح أو شمش- نيشتيم بعد أن أضناه التعب من ضربات المياه (١٤٨). ولقد كانت هذه القصص في العادة هي الوسيلة الشعبية أو الطريقة المجازية التي عبر بها القدماء عن قضاء فلسفي أو موقف أخلاقي لخصوا فيه بإيجاز تجارب طويلة مرت بالجنس البشري- وهي أن الشهوة الجنسية والمعرفة تُنتجان من الآلام أكثر مما تنتجان من اللذة، وأن الحياة البشرية تتعرض من حين إلى حين لأخطار الفيضانات أي لطغيان الأنهار العظيمة التي كان ماؤها سبباً في قيام الحضارات القديمة. وإن الذين يسألون هل هذه القصص صحيحة أو غير صحيحة ليسألون في الواقع أتفه الأسئلة