نشأت شجرة عيد الميلاد التي تثقل بالهدايا، والولائم المرحة التي تتخم البطون القوية حتى الليلة الثانية عشرة بعد هذا العيد، وكان ثمة أعياد واحتفالات أخرى يخطئها الحصر- عيد الغطاس، وعيد الختان، وحد السعف، وعيد القيامة، وعيد الصعود، وعيد العنصرة … وكانت هذه لأعياد وأيام الآحاد كلها إلى درجة أقل منها قليلاً، أحداثاً مثيرة في حياة رجل يتذكره من ذنوبه، ويستحم، ويحلق لحيته أو يقص شعره، ويلبس خير ملابسه وأكثرها مضايقة له، ويطعم الله في العشاء الرباني، ويحس أعمق الإحساس بالمسرحية المسيحية الخطيرة الشأن التي قدر عليه أن يكون جزءاً منها. وكانت حوادث آلام المسيح تمثل في كثير من المدن في الثلاثة الأيام الأخيرة من أسبوع الآلام، تتضمنها مسرحية دينية ذات حوار وأغان بسيطة، كذلك كانت عدة أوقات أخرى من السنة الكنيسة تمتاز بأمثال هذه "الطقوس الخفية". وحدث في عام ١٢٤٠ أن أبلغت يوليانا Juliana رئيسة دير قريب من لييج Liege قس القرية التي تقيم فيها أو رؤيا سماوية قد نبهتها إلى أنه لابد من تكريم جسم المسيح حين يستحيل القربان إلى لحمه ودمه في العشاء الرباني وذلك بإقامة عيد فخم رهيب، وأقر البابا إربان الرابع هذا الاحتفال في عام ١٢٦٢ وعهد إلى تومس أكوناس أن يضع له "صلاة مؤلفة من ترانيم وأدعية تناسبه". وقام الفيلسوف بهذه المهمة على خير وجه وفي عام ١٣١١ ثبت أخيراً عيد القربان واحتفل به في أول يوم خميس بعد عيد العنصرة بأفخم موكب من مواكب السنة المسيحية بأجمعها. وكانت هذه الحفلات تجتذب إليها جموعاً لا يحصى عددها، وتبعث البهجة والمرح في قلوب الكثيرين ممن يشتركون فيها، وهي التي مهدت السبيل للمسرحية غير الدينية في العصور الوسطى، وساعدت على قيام مواكب النقابات الطائفية واحتفالاتها، وألعاب البرجاس والاحتفال بتنصيب الفرسان، وتتويج الملوك، وشغل ما هنالك من فراغ