للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا في خارج إيطاليا، أما في إيطاليا نفسها فكانت سياسته أقل من هذا نجاحاً: فقد عجز فيما بذله من جهود متعددة للقضاء على الحروب القائمة بين دول المدن الإيطالية، ونغص عليه أعداؤه السياسيون في روما حياته وجعلوها غير آمنة حتى في وقت من الأوقات يخشى المقام في عاصمته. كذلك أفلح الملك شفير Severre النرويجي (١١٨٤ - ١٢٠٢) في مقاومته بالرغم من صدور قرار الحرمان عليه (١٢٤) هو وبلاده، وتجاهل فيليب الثاني ملك فرنسا أمره حين عقد الصلح مع إنجلترا، وإن كان قد خضع لما أصر عليه البابا من أن يعيد زوجته التي هجرها، واقتنع ألفنسو التاسع صاحب ليون Leon أن يفارق برنجاريا Berengaria التي تزوجها لأنها من قريباته المحرمات عليه. واعترفت البرتغال، وأرغونة، وبلاد المجر، وبلغاريا، بأنها إقطاعيات بابوية، وأعطت البابا جزية سنوية، ولما رفض الملك جون أمر البابا بتعيين لانجتن Langton كبيراً أساقفة منتربري اضطره البابا بقرار التحريم الذي أصدره على إنجلترا وبدهائه السياسي أن يضم إنجلترا إلى الأقطاعات البابوية. ووسع إنوسنت سلطانه في ألمانيا بأن أعان أتو الرابع على فيليب صاحب سوابيا Swabia ثم أعان فيليب على أتو، وحصل في كلتا الحالتين على منح وامتيازات للبابوية نظير انتصاره لكلا الطرفين المتنازعين، فضلاً عن تحرير الولايات البابوية مما كان يتهددها من التطويق، وأذكر الإمبراطور أن بابا من البابوات هو الذي "نقل" السلطة الإمبراطورية من اليونان إلى الفرنجة، وأن شارلمان لم يصبح إمبراطوراً إلا بعد أن مسحه البابا وتوجه، وأن في مقدور البابوات أن يستردوا ما منحوا. وحسبنا دليلاً على سلطان إنوسنت ما وصفه به زائر بيزنطي إلى رومة إذ قال أن إنوسنت "ليس خليفة بطرس بل خليفة قسطنطين" (١٢٥).

وقد أحبط ما بذله الحكام الزمنيون من جهود لفرض الضرائب على رجال الدين دون رضاء البابا، ورصد المال في الكرسي البابوي لمعونة القساوسة المحتاجين،