(٢) كان من المألوف في الأزمان القديمة أن تعزى كتب القوانين إلى الوحي الإلهي. ولقد رأينا من قبل كيف كانت قوانين مصر القديمة تعزى إلى الإله تحوت، وكيف أنزل شمش إله الشمس قانون حمورابي. كذلك أعطى أحد الأرباب الملك مينوس على جبل دكتا القوانين التي حكمت بمقتضاها جزيرة كريت. وكان اليونان يمثلون ديونيسس الذي يسمونه أيضا "المشرع" وأمامه منضدتان حجريتان نقشت عليهما القوانين، ويقول أتقياء الفرس أن زردشت كان في يوم من الأيام يصلي على جبل عال فتبدى إليه أهورا- مزدا بين الرعود والبروق، وأنزل عليه "كتاب القانون" (١٥٩). وفي هذا يقول ديودور الصقلي: "لقد فعلوا كل هذا لأن الفكرة التي تسمو بالبشرية فكرة رائعة قدسية؛ أو لأن السوقة تكون أكثر طاعة للقوانين إذا حولت أبصارها إلى ما يمنع به من تعزى إليهم من جلال وسلطان" (١٦٠).