للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالوحل، معذبين من شدة الجوع، وحين تدق الباب ويقبل البواب ثائراً ويقول: "من أنتما؟ " فتقول له: "نحن اثنان من إخوانك" فيرد علينا قائلاً: "إنكما كاذبان، بل أنتما وغدان تسيران في الطرق تخدعان العالم، وتختلسان صدقات الفقراء. اذهبا! " ثم يفتح لنا الباب، ويتركنا في خارجه نعاني آلام الجوع والبرد طوال الليل في المطر والثلج، فإذا ما تحملنا هذه القسوة صابرين … من غير أن نشكر أو نحزن، ونعتقد في ذلة وشفقة أن الله هو الذي أنطق البواب بالسخرية منا - ألا أيها الأخ ليو، أكتب، هناك السرور الكامل! وإذا ما واصلنا دق الباب، وخرج هو وطردنا وهو غاضب، وسبنا ولطم خدودنا وقال لنا: "أبعد أيها اللصان السافلان! - فإذا ما تحملنا هذا صابرين يملأ فلبينا الحب والفرح فاكتب أيها الأخ ليو: هذا هو السرور الكامل! وإذا ما عضنا الجوع وآلمنا البرد فدفعنا الباب مرة اخرى ودعوناه بحب الله أن يفتح لنا … فخرج بعصا كبيرة معقدة وقبض علينا من قلنسوتينا، وألقانا على الأرض، ودحرجنا على الثلج، ورض كل عظم من عظامنا بتلك العصا الثقيلة، فإذا ما فكرنا في آلام المسيح الرحيم، وتحملنا هذه الآلام كلها في صبر وسرور مدفوعين إليه بحب الله - فأكتب أيها الأخ ليو أن هنا لك وفي هذا يوجد السرور الكامل" (٤٨).

وكانت ذكرى حياته المترفة الباكرة تبعث في نفوس شعوراً بالخطيئة يؤرقه ويقض مضجعة، وإذا كان لنا أن نصدق ما جاء في الزهيرات فأنه كان في بعض الأحيان يسائل نفسه في حيرة هل يغفر له الله ذنوبه؟ وثمة قصة مؤثرة تقول إنه الأيام الأولى من نشأة الطائفة حين لم يكن في وسعهم أن يجدوا كتاب صلوات يتلون منه أدعيتهم المقدسة، ارتحل فرانسس ورداً للتوبة، وأمر الأخ ليو أن يعيد بعده عبارات تتهم فرانسس بالخطيئة. وحاول ليون أن يعيد التهمة في كل جملة، ولكنه وجد أنه لم يكن يكرر التهمة، بل كان يقول بدلا منها