للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن "رحمة الله وسعت كل شيء" (٤٩). وحدث في مرة أخرى، وكان فرانسس قد نقه تواً من الحمي، أن طلب أن يجر وهو عار من الثياب أمام الناس في سوق أسيسي وأن يلقى أحد الإخوان على وجهه صفحة من الرماد، ثم قال هو للحاضرين: "إنكم تعتقدون أني ولي صالح، ولكن أعترف لله ولكم أنني في ضعفي هذا أكلت لحماً وشربت مرق لحم" (٥٠). وزاد ذلك القول يقين الناس بطهره وقداسته، ورووا أن أخا شاباً أبصر المسيح والعذراء يحدثانه، وكانوا يعزون له عدة معجزات، ويأتون إليه بمرضاهم ومن بهم "مس " ليشفيهم. وأصبحت صدقاته مضرب المثل وموضوع القصص، فلم يطيق أن يرى أحداً أفقر منه، وكثيراً ما كان يتصدق على من يمر به من الفقراء بالثوب الذي يلبسه حتى كان مريدوه يجدون من أصعب الصعاب أن يبقوه مكتسياً. وتقول مرآة الكمال التي هي في أكبر الظن من نسج الخيال (٥١):

وبينما هو عائد من سينا Siena إذ التقى في طريقه برجل فقير، فقال لزميل من الرهبان: "يجب أن نعيد هذا المئزر إلى صاحبه، لأنا لم نأخذه إلا عارية حتى نعثر على من هو أفقر منا … وإنا إذا لم نعطه من هو أشد حاجة إليه منا عُدّ هذا منا سرقة".

وفاض حبه من الآدميين على الحيوان والنبات، وعلى الجماد نفسه. وتعزو إليه مرآة الكمال التي لم تثبت صحتها تسبيحاً للشمس يقول فيه:

حين تشرق الشمس في الصباح، يجب على كل إنسان أن يحمد الله الذي خلقها لننتفع بها .. وإذا جن الليل وجب على كل إنسان أن يسبح بحمد الله الذي أمدنا بأختنا النار التي تبصر بها أعيننا، لأننا جميعاً أشبه بالمكفوفين، وقد أضاء الله أعيننا بهذين الأخوين.

وكان يعجب بالنار إعجاباً يحمله على التردد في إطفاء شمعة، لأن النار قد