واضطر رغم احتجاجه إلى، الرقاد في قصر الأسقفية، وسأل الطبيب أن يصدقه الخبر، فقيل له: انه لا يكاد يبقى حيا بعد الخريف، وأدهش جميع الحاضرين إذ بدأ يغني، ثم أضاف، على حد قولهم، مقطوعة أخرى إلى تسبيحة الشمس:
تسبح بحمدك يا رب يا من مننت علينا بأختنا ميْتَة الجسد التي لا ينجو منها بشر.
فوا أسفي على من يموتون وهم آثمون
وطوبى لمن هم طوع إرادتك المقدسة،
لأن الميتة الثانية لن ينالهم منها أذى.
ويقال؛ انه ندم في تلك الأيام الأخير على زهده لأنه "أساء به إلى أخيه الجسم"(٦٤). ولما خرج الأسقف من عنده أقنع فرانسس الرهبان - أن ينقلوه إلى بورتي أنكولا، وفيها أملى وصيته، وهي وصية تجمع بين التواضع والقوة، فقد أمر أتباعه أن يقنعوا "بالكنائس الفقيرة المهجورة"، وإلا يقيموا في بيوت لا تتفق مع الأيمان التي أقسموها بأن يظلوا فقراء، وأن يسلموا للأسقف كل ضال أو ناكث للعهد من رهبان الطائفة وألا يغيروا قط مبادئهم (٦٥).
وأدركته في اليوم الثالث من اشهر أكتوبر من عام ١٢٢٦ ولم يتجاوز الخامسة والأربعين من عمره، وكان في اللحظة الأخيرة ينشد أحد المزامير. وبعد سنتين من وفاته سمته الكنيسة قديسا. وكان زعيمان آخران يسيطران على هذا العصر القوي الحركة هما إنوسنت الثالث وفردريك الثاني. فأما إنوسنت فقد رفع مقام الكنيسة إلى أعلى ذروة مجدها، ومن هذه الذروة هوت بعد عقد واحد. ولسنا ننكر أن فرانسس قد بالغ في فضائل الفقر والجهل،