ولكنه بعث القوة في الدين المسيحي بأن أعاد إليه روح المسيح. وأولو العلم وحدهم هم الذين يعرفون اليوم البابا والإمبراطور، أما القديس الساذج فيتغلغل حبه في قلوب الملايين من بني الإنسان.
وبلغ عدد أعضاء الطائفة التي أنشأها خمسة آلاف عضو عند وفاته وانتشرت في بلاد المجر، وألمانيا، وإنجلترا، وفرنسا، وأسبانيا. وكانت هي الدعامة التي تعتمد عليها الكنيسة في عودة شمالي إيطاليا من الضلالة إلى الكثلكة. ولم تقبل إنجيل الفقر والأمية الذي كانت تنادي به إلا أقلية صغيرة، لأن أوربا أصرت على التخبط في نية الثروة، والعلم، والفلسفة، والشك المثير للنفوس. وفي هذه الأثناء (١٢٣٠) تحلل رهبان الطائفة مرة أخرى من القواعد أن يبقوا زمناً طويلا، وأن يبقوا بالعدد المطلوب، محتفظين بذلك المستوى العالي من الزهد الذي لا يكاد يقبله عاقل، والذي عجل منية فرانسس. فلما خفت وطأة قواعد الطائفة بعض الشيء زاد عدد الإخوان الصغار حتى بلغ قبل عام ١٢٨٠ نحو مائتي ألف راهب يقيمون في ثمانية آلاف دير، وحتى أصبحوا من كبار الواعظين، وحتى حملوا رجال الدين بما ضربوه لهم من الأمثلة على أن يقوموا بالوعظ والإرشاد، وكانت هذه العادة حتى ذلك الوقت مقصورة على الأساقفة دون غيرهم. وخرج من بينهم قديسون أمثال القديس برنردينو السينائي Bernardino of Siena والقديس أنطوني البدوائي Antony of Padua، كما قام من بينهم علماء مثل روجر بيكن، وفلاسفة مثل دن اسكوتس Dun Scotus ومعلمون مثل أسكندر الهاليس Alexander of Hales، وأضحى بعضهم عمالاً لمحاكم التحقيق، وارتقى بعضهم إلى كراسي الأساقفة، ورؤساء الأساقفة، والبابوية، وقام كثيرون منهم بمغامرات تبشيرية في بلاد أجنبية بعيدة. وتوالت عليهم الهبات من الأنقياء الصالحين، وتعلم بعض زعمائهم، مثل الأخ إلياس،