للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إخواناً، متسولين، جوالين. ويصف مايثوياريس في عام ١٢٤٠ طائفتهم في إنجلترا بقوله:

إنهم قوم شديدو الاقتصاد في طعامهم ولباسهم، لا يقتنون ذهباً ولا فضة ولا شيئاً ما لأنفسهم، يطوفون بالمدن، والبلدان، والقرى، يدعون إلى الإنجيل … ويعيشون جماعات من عشرة أو سبعة … لا يفكرون في الغد، ولا يحتفظون بشي ما للصباح التالي … يعطون الفقراء من فورهم كل ما بقى لديهم من الطعام الذي يتصدق بها الناس عليهم. يسيرون حفاة، ولا يحتفظون إلا بالإنجيل، وينامون بثيابهم على الحصر ويتخذون الحجارة وسائد يضعونها تحت رؤوسهم (٦٨).

واضطلعوا في أعمال محاكم التحقيق بدور نشيط لم يكن على الدوام مشوباً برقة القلب، وعينهم البابوات في مناصب رفيعة وأرسلوهم في بعثات دبلوماسية خطيرة، والتحقوا بالجامعات، ونبغ منهم رجلان جباران في الفلسفة المدرسية هما ألبرتس ماجنس وتومس أكويناس، وكانوا هم الذين أنقذوا الكنيسة من أرسطو بأن بدلوه رجلا مسيحياً. ولقد أحدثوا هم والفرنسيسيون، وإخوان الكرمل وأوستن ثورة في حياة الرهبنة، وذلك باختلاطهم بعامة الشعب كل يوم في أثناء الخدمات الدينية، وسموا الرهبنة في القرن الثالث عشر فوهبوها من القوة والجمال ما لم تستمتع بمثله قبل.

وإن النظرة الشاملة إلى تاريخ الرهبنة لا تؤيد إسراف علماء الأخلاق في مدحها ولا سخرية شانئها. وفي وسعنا أن بذكر أمثلة جمة من سوء السيرة بين الرهبان وهذه الأمثلة إنما تلفت أنظارنا لأنها الشواذ وليست القاعدة، وهل منا من بلغ من الطهر والصلاح درجة يحق له معها أن يتطلب من أية طائفة من الناس حياة تقية لا تشوبها أدنى شائبة؟ ولقد نجا الرهبان الذين بقوا مخلصين لأيمانهم-