للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا الفيلسوف لا يطيق الإسراف في الطمع: "المستعجل إلى الغنى لا يبرأ"، و "راحة الجهّال (٢٢٥) تبيدهم" والعمل هو الحكمة، أما الكلام فحمق وسخف: "في كل تعب منفعة، وكلام الشفتين إنما هو إلى الفقر""الجاهل يظهر كل عبطه، والحكيم يسكنه أخيراً"، "ذو المعرفة يبقى كلامه وذو الفهم وقور الروح، بل الأحمق إذا سكت يحسب حكيماً ومن ضمّ شفتيه فهيماً" (٢٢٦).

ومن النصائح التي لا ينفك ذلك الحكيم يرددها حكمة تكاد تنطبق ألفاظها على وصف سقراط للفضيلة والحكمة، تفوح بعطر مدارس الإسكندرية حيث كان علم اللاهوت العبري يمتزج بالفلسفة اليونانية لتخرج لنا من مزيجهما العقلية الأوربية: "الفطنة ينبوع حياة لصاحبها، وتأديب الحمقى حماقة … طوبى للإنسان الذي يجد الحكمة وللرجل الذي ينال الفهم، لأن تجارتها خير من تجارة الفضة، وربحها خير من الذهب الخالص، هي أثمن من اللآلئ وكل جواهرك لا تساويها، في يمينها طول أيامك وفي يسارها الغنى والمجد، طرقها طرق نعم، وكل مسالكها سلام" (٢٢٧).

وسِفر أيوب أسهل من سِفر الأمثال؛ ولعل ذلك السِفر قد كتب في أيام السبي، ولعله يصف بطريق القياس الأَسْر البابلي (١) ويقول فيه كارليل وهو


(١) ويظن العلماء أن هذا السفر قد كتب في القرن الخامس قبل الميلاد (٢٢٨). ونصوصه أكثر تهويشاً حتى من الكتب المقدسة في أية أمة من الأمم القديمة. ويرفض جاسترو هذه النصوص كلها ما عدا الفصول ٣ - ٣١، ويرى أن ما بقي من الفصول تعديلات أدخلت عليها لتدعيمها، وحتى الفصول التي يقبلها يظن أن فيها عبارات ليست منها قد أقحمت فيها إقحاماً، وأن بعض العبارات الأصلية قد أسيئت ترجمتها. من ذلك ما جاء في الآية الخامسة من الفصل الثالث عشر: "هو ذا يقتلني فهذا يعود إلى إخلاصي" (الأصحاح ١٣: ١٥) فهذه الآية يجب أن تترجم هكذا: "ولكني لا أرتجف" أو "ولكني لا أرجو شيئاً" (٢٢٩) [ونص الآيات كاملاً هو: "هو ذا يقتلني، لا انتظر شيئاً، فقط أزكي طريقي قدامه، فهذا يعود إلى إخلاصي" (المترجم)].