للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أساقفة كولوني أشهر الكثدرائيات الألمانية وأقلها موافقة للطراز القوطي. وتقدم العمل تقدماً بطيئاً في خلال الفوضى التي أعقبت موت فردريك الثاني، فلم تدشن الكثدرائية إلا في عام ١٣٢٢، ولهذا فإن جزءاً كبيراً منها يرجع تاريخه إلى القرن الرابع عشر، أما الشماريخ الرقيقة وما على زواياها من النقوش التي في صورة أوراق أشجار، ملفوفة وزخارف النوافذ الحجرية التي يوضع فيها الزجاج فقد بنيت في عام ١٨٨٠ حسب تصميم لها من القرن الخامس عشر. وبنيت كثدرائية كلوني على غرار كثدرائية أمين فترسمت الطراز الفرنسي والأسلوب الفرنسي بدقة. فخطوط الواجهة مفرطة في اعتدالها وصلابتها، ولكن عمد الصحن السامقة الرفيعة، والنوافذ المتلألئة، والتماثيل الأربعة عشر التي على دعامات المرنمة تكسب داخل الكثدرائية جاذبية، لم تنج من الحرب العالمية الثانية إلا بأعجوبة، وتكاد تكون إحدى المعجزات.

وكثدرائية استراسبورج Strassbourg أكثر من هذه إمتاعاً للنفس. وهنا أيضاً كان قرب البلدة من فرنسا مما جعل الطراز الفرنسي يبدو وكأنه أقل بعداً عن الطابع الوطني مما يبدو في استراسبورج في هذه الأيام (١٩٤٩)، فخارجها يمثل الرشاقة الفرنسية وداخلها يمثل القوة الألمانية. ويدخل الإنسان إلى الكثدرائية بعد أن يمر ببيوت مزدحمة جميلة المنظر ذات سقف هرمية. وتزين التماثيل الواجهة، ولكن النوافذ المشععة الواسعة ذات الروعة أبهى من هذه الزينة. والبرج الوحيد القائم في ركن واحد من أركان الواجهة يشوه منظرها، إذ يوحي إلى الإنسان بأن فيها نقصاً، ولكن الفنان قد أفلح كل الفلاح في أن يجمع هنا بين المهابة والزخرف، حتى ليستطيع الإنسان أن يفهم وصف جيته لهذه الواجهة بأنها "موسيقى متجمدة"، وإن كان علينا نحن أن نستخدم في وصفها لفظاً غير لفظ "متجمد". فقد كتب جيته يقول: "لما كنت قد نشأت على احتقار العمارة القوطية، فقد ازدريت هذه الواجهة، ولكني لما دخلتها اعترتني