وخدم الكنيسة أن يغنوا الردود، وعلم بعضهم تعليما فنياً في مدارس خاصة للترنيم جعلت سلستين الأول Celestine ١ (٤٢٢ - ٤٣٢) يصبح هو نفسه مرنماً حاذقاً، وكان هؤلاء المرنمون يكونون فرقاً عظيمة منهم، كان في فرقة أياصوفيا ٣٥ مرنماً، ١١١ قارئاً. معظمهم من الغلمان (١). وانتشر غناء المصلين من الشرق إلى الغرب، وكان الرجال يتبادلون مع النساء أغنيات متجاوبة ويشتركون معهم قي التسبيحات الدينية وكانوا يظنون أن المزامير التي يغنونها تردد أو تقلد على الأرض تسابيح المديح التي يغنيها الملائكة والقديسون بين يدي الله في الجنة. وأخل القديس أمبروز في أسقفيته تبادل الغناء بين الرجال والنساء على الرغم من نصيحة الرسل بأن تظل النساء صامتات في الكنيسة، وقال هذا الإداري الحازم أن المزامير حلوة النغم في كل عصر، وتليق بكلا الجنسين، وهي تخلق رابطة عظيمة من الوحدة حين يرفع الناس جميعاً عقيرتهم في ترنيمة واحدة (٢). وبكى أوغسطين حين سمع المصلين في كنيسة ميلان يتلون ترانيم أمبرزو، وصدق عليه قول القديس باسيلي إن المستمع الذي يستسلم للذة الموسيقى يستجيب للنشوة الدينية والتقوى (٣). ولا تزال ترانيم أمبرزو تتلى في كنائس ميلان إلى يومنا هذا.
وثمة رواية متواترة كان أهل العصور الوسطى عامة يؤمنون بصحتها، وأضحت الآن بعد شكوك دامت زمنا طويلا مقبولة بوجه عام (٤)، تعزو إلى جريجوري الأكبر وأعوانه إصلاحاً وتجديداً في الموسيقى الكنسية الكاثوليكية الرومانية، أدى إلى اعتبار"النشيد الجريجوري" الموسيقى الرسمية للكنيسة مدى ستة قرون. واجتمعت الألحان الهلنستية والبيزنطية مع الإيقاع العبري في الهيكل والمعبد فشكلت هذا النشيد الروماني أو النشيد البسيط. وكان هذا النشيد موسيقى تتألف من أغنية واحدة، وأيا كان عدد الأصوات المشتركة فيه، فقد كانت كلها تغنى نغمة واحدة، وإن كان النساء والغلمان كثيراً ما يغنون طبقة في السلم الموسيقي