في غالة، وأنشأ مدارس لموسيقى الكنيسة الرومانية في متز وسواسون، ووجد الألمان، الذين تكونت حناجرهم بتأثير مناخهم وحاجاتهم، صعوبة في هذه الأغاني ذات الألحان الرقيقة. وفي ذلك يقول الشماس يوحنا:"إن أصواتهم الخشنة التي تشبه هزيم الرعد، لا يمكن أن تنطق بالنغمات الرقيقة، لأن هذه الأصوات مبحوحة من كثرة الشراب (٥).
وربما كان الألمان قد كرهوا الأسلوب الذي أخذ منذ القرن الثامن وما بعده يزين النشيد الجريجوري بـ "المحط القصيرة" وبسلسلة النغمات التي تتعاقب بانتظام. وقد بدأ "المط" بوصفه طائفة من الكلمات يسهل بها تذكر اللحن، ثم صار بعدئذ إدماجا للألفاظة والموسيقى في النشيد الجريجوري، كما كان يحدث حين لا ينشد القس Kyrie eleison " ارحمنا يا رب" بل ينشد (Kyrie eleison) (fon Piltatis،aquo bona cuncta Priocedant) " ارحمنا يا رب تمن علينا بجميع الخيرات يا رب". وأجازت الكنيسة هذه التحليات ولكنها لم تقبلها قط ضمن الترانيم الرسمية. وكان الرهبان المتضايقون من حياة الأديرة يسلون أنفسهم بتأليف هذه العبارات وإدخالها ضمن الأناشيد، حتى كثرت أدت إلى وضع كتب خاصة بها لتعلم الناس العبارات المحببة منها أو تحفظها من النسيان. ونشأت موسيقى التمثيل الكنسي من هذه العبارات. وقد وضعت سلاسل النغمات المتعاقبة على نسق تسابيح القداس. ونشأت هذه السنة من إطالة الحرف المتحرك الذي في آخر الكلمة إطالة سموها اليوبيلوس lubiuls أي نشيد الابتهاج، وكتبت في القرن الثامن عدة نصوص لهذه التوقيعات التي أدخلت في الألحان. وأصبحت هذه السنة فنا راقيا حوّل النشيد الجريجوري تدريجا إلى طراز مزخرف لا يتفق مع روحه الأولى أو مع قصده البسيط" (١). وقضى هذا
(١) ولم تقبل الكنيسة في أورادها إلا خمسة من هذه الأناشيد.