للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يدعى فرانكو في وقت ما في القرن الحادي عشر (٨) رسالة في قياس الغناء جمع فيها كل ما وجد قديماً من المقترحات النظرية والعملية. ووضع أساس ذو رأس مربع كان في بادئ الأمر يستخدم للدلالة على النغم، استخدم هذا العود ليمثل النغمة الطويلة، وكبرت علامة أخرى هي النقطة حتى أضحت شبه منحرف ومثلت بها النغمة القصيرة. ثم بدلت هذه العلامات على مدى الأيام، وأضيفت إليها ذيول حتى تطورت منها بمئات السخافات طريقتنا السهلة التي نستخدمها الآن لقياس النغمات.

وقد مهدت هذه التطورات الخطيرة السبيل إلى الموسيقى المتعددة النغمات، وكانت الموسيقى قد كتبت قبل فرانكو، ولكنها كانت موسيقى خشنة تعوزها الرقة، فلما أشرف القرن التاسع على الانتهاء وجدنا طريقة في الموسيقى تدعى "التنظين"- أي غناء النغمات المتطابقة بأصوات متوافقة. ثم انقطعت أخبار هذه الطريقة فلم نسمع منها إلا القليل النادر قبل نهاية القرن العاشر إذ نجد لفظي organum وسمفونيا Symphonia (الأغنية المنتظمة والإيقاع) يستعملان لهذه النغمات المركبة من صوتين. وكانت الأرغنة (الأغنية المنتظمة) قطعة من القداس يواصل فيها الصادح لحناً قديما موحد النغمة، في الوقت الذي يضيف فيه صوت آخر لحناً يتفق معه. ثم نشأت صورة أخرى من هذا النوع نفسه كان للصادح فيها نغمة جديدة عجيبة واجتذبت صوتاً آخر في اللحن المشترك. وخطا المؤلفون في القرن الحادي عشر خطوة لا تقل في نوعها جرأة عن توازن قوة في العمارة القوطية. فقد كتبوا قطعاً متعددة الأصوات بوحدة ملائمة لم ينقد فيها الصوت "المنجذب" إلى الصادح انقياداً أعمى في علو اللحن وانخفاضه، بل اندفع إلى ألحان أخرى ذات نغمات لا يحتم عليها أن تتحرك في خط متواز مع أصوات الصادح. وكاد هذا الإعلان للاستقلال يصبح ثورة حين