يؤذين أو يقتلن بنظرة من (عيونهن الحاسدة). وكان برثولد الرجنزبرجي Berthold of Regenesburg يظن أن سيلقى في الجحيم من النساء أكثر ممن سيلقى فيها من الرجال لأن كثيرات من النساء يمارسن فنون السحر - فلديهن (رُقي للحصول على الزواج، ورقي للزواج، ورقي قبل مولد الطفل، ورقي قبل التعميد … ومن عجب أن الرجال لا يفقدون عقولهن بسبب فنون السحر الرهيبة التي تمارسها النساء عليهن)(١١). وكانت قوانين القوط الغربيين تتهم النساء باستحضار العفاريت، وبتقريب القرابين للشياطين، وبإثارة العواصف وما إلى ذلك، وتأمر بأن تحلق رؤوس من تثبت عليهن هذه الجرائم، وجلدهن مائتي جلدة (١٢). وكانت قوانين كانوت Cnut في إِنجلترا تعترف بأن من المستطاع قتل إنسان بالسحر. وكانت الكنيسة في بادئ الأمر سهلة مع أصحاب هذه العقائد الشعبية، ترى فيها بقايا وثنية لن تلبث أن تزول، ولكن الذي حدث كان عكس هذا، فقد أخذت تزيد وتنتشر؛ حتى إذا كان عام ١٢٩٨ شنت محكمة التفتيش حملة قوية بغية القضاء على السحر بحرق الساحرات علناً. ذلك أن الكثيرين من رجال الدين كانوا يعتقدون مخلصين أن من النساء من كن على صلة بالعفاريت، وأن من الواجب أن يحمي المؤمنون من رقاهن السحرية. ويؤكد لنا قيصريوس الهسترباخي Caesarius of Heisterbach أن كثيرين من الرجال في أيامه يتحالفون مع الشياطين (١٣)، ويقال أن من يمارسون السحر الأسود كانوا يحتقرون الكنيسة ويسخرون من شعائرها بأن يعبدوا الشيطان بقداس أسود (١٤). وكان كثيرون من المرضى وضعاف النفوس يعتقدون أنهم قد لبستهم العفاريت. ولربما كان القصد من الأدعية، والصيغ، والاحتفالات التي تتلى أو تقام لإخراج هذه العفاريت والتي تستخدمها الكنيسة لهذا الغرض، أن تتخذ علاجاً نفسياً لتهدئة عقول المخرّفين.
وكان الطب في العصور الوسطى إلى حد ما فرعاً من اللاهوت والشعائر