الدينية؛ فقد كان أوغسطين يظن أن أمراض الآدميين تسببها العفاريت، ووافقه لوثر على ظنه هذا؛ وبدا من ثم أن علاج الأمراض بالصلوات، وعلاج الأوبئة بالموكب الدينية وإقامة الكنائس، أمر يتفق مع المنطق السليم. ومن أجل هذا بنيت كنيسة سانتا ماريا دلاسالوتي Santa Maria della Salute في البندقية لمقاومة الطاعون؛ وقد شفيت تلك المدينة - على حد قولهم - من وباء الزحار بفضل الصلوات التي أقامها القديس جربولد Gerbold أسقف بايو Bayeux (١٥) . وكان الأطباء الصادقون يرحبون بما يسديه الإيمان بالدين من عون لنجاح وسائل العلاج، فكانوا يوصون بإقامة الصلوات، ولبس التمائم (١٦)؛ ولهذا نجد منذ عهد إدورد المعترف لا بعد الحكام الإنجليز يباركون الخواتم لهذا العلاج الجذام (١٧). وكان الملوك الذين نالوا القداسة بلمس المخلفات الدينية يشعرون أن في مقدورهم علاج المرضى بوضع أيديهم عليهم؛ وكان يظن أن المصابين بالداء الخنازيري يستجيبون أكثر من غيرهم للمس الملوك؛ ولهذا سمي هذا المرض (داء الملك King's evil) . وما أكثر ما تحمل القديس لويس من العناء الطويل في مس المصابين بهذا الداء، ويقال إن فليب فالوا (مس) ألفاً وخمسمائة من الأشخاص في جلسة واحدة (١٨).
وكان ثمة وسائل سحرية للمعرفة وللصحة جميعا، فقد انتشرت في العصور الوسطى كلها معظم الوسائل الوثنية التي كانت تتبع التنبؤ بالغيب أو رؤية الغائبين على الرغم من تنديد الكنيسة بهذه الوسائل؛ مثال ذلك أن تومس أبكت Thomas à Becket أراد أن يسدي النصح إلى هنري الثاني في مشروعه لغزو بريطاني فاستشار لذلك عرّافاً بزجر الطير ومراقبة طيرانها، وقارئ كف عرف مصير الحملة بدراسة خطوط يده (١٩). ويدعي قارئو الكف أن (علمهم) هذا مؤيد من عند الله، ويستدلون على صدق السحر بآية من سِفر الخروج (الآية الثامنة عشر من الإصحاح الثاني والعشرين) التي تقول: لا تدع ساحرة تعيش.