و"دون مبالاة بتحريم أي رئيس ديني، أو لائحة الطائفة التي تنتمي إليها"(١٠١). وشرع بيكن بكل ما في وسعه من جهد (كما يتبين ذلك من أسلوبه الحماسي) يعمل ليتم موسوعته؛ ولكنه خشي أن يتوفى كلمنت أو يفقد اهتمامه بالعمل قبل تماما÷ فأجله، وألف في اثني عشر شهراً - أو جمع من مخطوطاته - الرسالة الأولية المعروفة لنا بسام الكتاب الأكبر Opus Maius. وظن أن هذا المؤلف نفسه قد يكون أطول مما يريده البابا الكثير المشاغل فكتب عناصر منه سماها الكتاب الأصغر؛ وأرسل هذين المخطوطين في أوائل عام ١٢٦٨ إلى كلمنت ومعها قال عن تضاعف الرؤية. وخشي أن تضيع هذه في طريقها إلى البابا فكتب خلاصة أخرى لآرائه هي الكتاب الرابع وأرسلها إلى كلمنت مع رسول خاص، مصحوبة بعدسة، وأشار على البابا أن يجري بها تجارب بنفسه. وتوفي كلمنت في شهر نوفمبر من عام ١٢٦٨. ومبلغ علمنا أن كلمة واحدة لم ترسل إلى الفيلسوف من البابا نفسه أو ممن جاءوا بعده اعترافاً منه أو منهم بوصول هذه الكتب.
فالكتاب الأكبر إذن هو عندنا "أكبر مؤلفات" بيكن، وإن كان هو لم يرده إلاّ أن يكون فاتحة لمؤلفاته. وهو كتاب ضخم يضم ثمانمائة صفحة مقسمة إلى سبع رسائل:(١) في الجهل والخطأ. (٢) وفي العلاقة بين الفلسفة وعلوم الدين. (٣) وفي دراسة اللغات الأجنبية. (٤) وفي فائدة العلوم الرياضية. (٥) وفي فن المنظور والبصريات، (٦) وفي العلوم التجريبية. (٧) وفي الفلسفة الأخلاقية. وفي الكتاب قدره الخليق به من السخافات، وفيه كثير من الاستطراد، وأكثر مما يليق من المقتبسات الطويلة من مؤلفات غيره؛ ولكنه يمتاز بالقوة، والإخلاص، والاتجاه إلى القصد مباشرة، ويقبل عليه