للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثماني عشرة قدماً، ثم دخل في خدمة أحد الملوك لأنه سمع أن هذا الملك أقوى رجل في العالم. وحدث في يوم من الأيام أن رسم الملك على نفسه علامة الصليب حين ذكر بعضهم أمامه اسم الشيطان، فاستدل كرستفر من هذا على أن الشيطان أقوى من الملك، ولم يكن منه إلا أن دخل في خدمة الشيطان. ولكن الشيطان رأى علامة الصليب إلى جانب الطريق فولّى هارباً، واستدل كرستفر من هذا على أن عيسى (عليه السلام) أقوى بلا شك من الشيطان، فوهب نفسه للمسيح. ووجد الرجل مشقّة في الصوم المسيحي، فقد كان جسمه الضخم يتطلب الطعام الكثير، وكان لسانه الكبير يتعثر في أبسط الصلوات. ووضعه ناسك صالح على شاطئ مخاضة أغرق تيارها السريع كثيرين ممن حاولوا اجتيازها. وحمل كرستفر المسافرين على ظهره ونقلهم إلى الشاطئ الآخر في أمان دون أن يبتلّوا بالماء، حتى كان في يوم من الأيام يحمل طفلاً صغيراً ليعبر به المجرى، فوجده ثقيلاً؛ ولمّا سأله عن السبب أجابه الطفل بأنه يحمل ثقل العالم كله؛ ولمّا وصل هذا الطفل إلى بر السلامة شكر له حسن صنيعه وقال له: "أنا المسيح عيسى" ثم اختفى؛ وفي هذه اللحظة أزهرت فجاءة عصا كرستفر وكان قد غرسها في الرمل (٣). ثم لينظر القارئ إلى قصة القديس جورج شفيع بريطانيا. فمن هو هذا القديس؟ لقد كان بالقرب من سيلينم Silenum في ليبيا تنين يقدّم له في كل عام شاب أو شابة طعاماً له؛ وكان هذا الشاب (أو الشابة) يختار بالقرعة ويقدّم للتنين حتى لا يسمّم القرية بنَفَسه. ووقعت القرعة في أحد الأعوام على ابنة الملك العذراء؛ ولمّا أقبل اليوم الموعود مشت نحو البِركة التي يقيم فيها التنين، فرآها القديس جورج وسألها عن سبب بكائها، فأجابته الفتاة قائلة: "أيها الشاب، أرى أن لك قلباً كبيراً نبيلاً، ولكني أرجوك أن تبادر بالابتعاد عني". وأبى الشاب أن يجيبها إلى ما طلبت، وما زال بها حتى أجابته عن سؤاله، فلما فعلت قال لها: