معادية لها، وأنها سلاح نفساني في يد الملكية الفرنسية. وأخذت تلك الأمم تغفل ما تصدره هذه البابوية من اوامر الحرمان ومن اللعنات وتزداد جرأة على هذا كلما مضت الأيام، ولا تهبها إلا شيئاً من التبجيل الآخذ في النقصان على كره منها متزايد باستمرار.
وأخذ كلمنت الخامس يعمل في صبر وأناة للتغلب على تلك الصعاب، ولم يخضع لفليب الرابع إلا أقل ما يستطيع من الخضوع، وكان فليب هذا يسلط فوق رأس كلمنت سيف التهديد، بأن يكشف للعالم عن سلوك بنيفاس الثامن ومعتقداته الدينية بع أن توفى هذا البابا. واشتدت حاجة البابا إلى المال فأخذ يبيع الرتب الكهنوتية إلى من يعرض فيها أغلى الأثمان، ولكنه كان يوافق موافقة ضمنية على التقارير القاسية التي يقدمها عمدة أنجير Angers , اسقف مندى Mende لمجلس فينا (١٣١١) عن أخلاق رجال الدين وإصلاح الكنيسة. وكان هو نفسه يحيا حياة مقتصدة طاهرة، ويلتزم أسباب التقوى في غير تظاهر ولا مباهاة، وحمى أرنلد الفلانوفي Arnold of Villanova الطبيب العظيم من الاضطهاد لخروجه على أصول الدين القويم، وأعاد تنظيم الدراسات الدينية في جامعة منبلييه على أساس النصوص اليونانية والعربية، وحاول أن ينشئ كراسي للغات العبرية، والسريانية، والعربية في الجامعات-وإن لم يفلح في هذه المحاولة. وكان مما ضاعف متاعبه أنه اصيب بمرض شديد الألم-يظن انه ناسور- أضطره إلى تجنب الاختلاط بالناس، وقضى عليه في عام ١٣١٤. ولو أنه عاش في بيئة خير من بيئته لكان ممن زادت بهم الكنيسة. وعقبت موته فترة خلا فيها كرسي البابوية من مشاغله ضربت فيها الفوضى أطنانها، وكشفت عن طبيعة ذلك العصر ومزاجه. وكتب دانتي إلى الكرادلة الطليان يحرضهم إلى أن يصروا على اختيار بابا إيطالي وعلى إعادة مقره إلى روما، ولكن عدد الكرادلة الإيطاليين لم يكن يتجاوز ستة،