بيروقراطياً قديراً، وأن كان فاسداً مرتشياً، وجمعت طائفة من الموظفين الملمين بالشئون المالية أدهشت القائمين على وزارات المالية في أوربا، وحسدوها على كفايتها في جمع الإيرادات. واشتبك يوحنا في نحو اثني عشر نزاعاً كبيراً تطلبت منه الأموال، فحذا حذو سلفه في بيع المناصب الكهنوتية، ولكنه كان يبيعها دون حياء. واستطاع ابن بلدة كوهور المصرفية بعدة أساليب مختلفة أن يملأ خزانة البابوية بالمال حتى كان فيها حين وفاته ١٨. ٠٠٠. ٠٠٠ فلورين ذهبا (٤٥٠. ٠٠٠. ٠٠٠ دولار) وما قيمته سبعة ملايين من صفائح الذهب والجواهر (٢). وكانت حجته في جمع هذه الأموال أن البابوية قد فقدت كثيراً من أموالها المستمدة من إيطاليا، وأن عليها أن تنشئ وظائفها، وموظفيها، وخدامها، من جديد. ويبدو أن يوحنا كان يشعر أن خير طريقة يخدم بها الله هي أن يضم إله المال إلى جانبه، وكانت عاداته الشخصية تنزع إلى التقشف والزهد في الطعام والشراب.
وكان مع هذا كله يناصر العلوم، وأسهم في إنشاء مدارس للطب في بروجيا وكوهور، وأعان الجامعات، وأنشأ كلية لدراسة اللغة اللاتينية في أرمينيا، وشجع دراسة اللغات الشرقية، وحارب الكيمياء القديمة الزائفة والسحر، وكان يقضي الأيام والليالي في الدراسات العلمية، وختم حياته رجل دين متهماً بالخروج عليه. ولعل الذي دعا يوحنا أن ينشر على الناس أن إنساناً ما- حتى أم الله نفسها- لا يستطيع أن يرقى إلى مرتبة "الرؤيا السعيدة" إلا في يوم الحساب، لعل الذي دعاه إلى هذا هو رغبته في أن يقاوم انتشار نوع من التصوف يَدًّعى الآخذون به الاتصال المباشر بالله. وقامت عليه ثورة بين من يدعون العلم بشئون الدار الآخرة، ونددت جامعة باريس بآراء البابا، واعلن مجلس مقدس اجتمع في فنسن Vincenne أنها مخالفة للدين، وأمره فليب السادس ملك فرنسا أن يعود في آرائه الدينية إلى الصراط المستقيم (٤). ولكن المعمر الداهية الذي كان وقتئذ قد