للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاتخذ مسكنه في مونتي فياسكوني Montefiascone ولكن ذكريات أفنيون وترفها وفرنسا المحبوبة أقضت مضجعه ونغصت عليه حياته. وترامت أنباء تردده إلى بترارك، فأخذ يحثه على أن يصر على ما عقد عليه نيته، وتنبأ القديس بردجت St Bridget السويدي بأن البابا سيموت من فوره إذا غادر إيطاليا، وعمل الإمبراطور شارل الرابع على تقوية عزيمته، فأيد استعادة البابا لإيطاليا الوسطى، وجاء خاشعا إلى روما (١٣٦٨)، ليقود جواد البابا من كنيسة القديس إنجيلو إلى كنيسة الرسول بطرس، ووقف على خدمته أثناء القداس. وتوجه البابا في حفل خيل إلى الجمع المحتشد المبتهج أنه يحسم النزاع القديم بين الإمبراطورية والبابوية. فلما كان اليوم الخامس من سبتمبر عام ١٣٧٠ أقلع إربان إلى مرسيليا، ولعله بعمله هذا قد خضع إلى رغبة كرادلته الفرنسيين، وادعى أنه يريد إعادة السلام بين إنجلترا وفرنسا. ووصل في السابع والعشرين من هذا الشهر نفسه إلى أفنيون حيث وافته المنية في التاسع عشر من ديسمبر، وهو يرتدي ثياب راهب بندكتي، ويرقد على أريكة حقيرة، وكان قد أمر بأن يسمح بكل من شاء بالدخول عليه، حتى يستطيع الناس جميعاً أن يروا أن عظمة أجل الناس مقاما ليست إلا بهرجا كاذبا قصير الأمد.

وكان كلمنت السادس البابا الظريف قد عين جريجوري الحادي عشر أبن أخيه كردنالا وهو في الثامنة عشر من عمره، ورسم قسا في التاسع والعشرين من ديسمبر عام ١٣٧٠، ثم اختير بابا في الثلاثين من ديسمبر وهو في سن التاسعة والثلاثين. وكان غزير العلم، مولعا بشيشرون، وقد جعلته الأقدار رجل حرب وكفاح، قضى مدة بابويته في إخماد الثورات العنيفة. ذلك أن غربان الخامس كان يخشى ألا يثق البابا الفرنسي بالإيطاليين، فاختار عدداً كبيراً من الفرنسيين مندوبين عنه لحكم الولايات البابوية. ووجد هؤلاء الحكام أنفسهم في بيئة معادية لهم فشادوا الحصون لمقاومة الشعب، وجاءوا بأعوان لهم كثيرين من الفرنسيين، وفرضوا