وإن لي عشيقة وتلك إحدى عادات رجال الدين القديمة (٣٠). ولما بلغ الخامسة والخمسين من عمره هجر عشيقته التي ولدت له أربعة عشر طفلاً، وتزوج بفتاة في سن الرابعة عشرة. وكاد في هذه الأثناء أن يكون هو مؤسس علم الآثار الحديث، لأنه جد في جمع القديم من النقود، والنقوش، والتماثيل، وعنى بوصف ما كان باقياً من الآثار الرومانية القديمة بدقة العلماء المبرزين. وقد صحب البابا أوجنيوس الرابع Eugenius V إلى مجلس فلورنس وتنازع مع فرانتشسكو فيللفو، وتبادل مع السباب بأقبح الألفاظ، ولم يتورع عن أن يتهمه بالسرقة، والكفر بالله، واللواط. ولقد اسره كل السرور وهو في روما أن يعمل لنقولا الخامس البابا الإنساني، وكتب وهو في سن السبعين كتاب الفكاهات الذائع الصيت، وهو مجموعة من القصص، والهجاء، والبذاءات. ولما انضم لورندسو فلا إلى هيئة الأمناء البابوية هاجمه بجيو بسلسلة جديدة من المطاعن اتهمه فيها باللصوصية والتزوير، والخيانة، والإلحاد، والسكر، وفساد الأخلاق. ورد فلا على هذا بأن سخر من لغة بجيو اللاتينية، وذكر أخطاءه في النحو والتراكيب، وقال إنه لا يعني به لأنه ابله يهذي ذهبت سنه بعقله (٣١). ولم يعبأ أحد بهذا الاتهام الأدبي غير الضحية التي وجه إليها، ذلك أن هذه المطاعن كانت مباريات في الكتابة اللاتينية، ولقد أعلن بجيو فعلا في إحدى هذه المقالات أنه سوف يثبت أن في مقدور اللغة اللاتينية الفصحى أن تعبر عن أحدث الآراء وأخص الشئون، وقد برع في فن اختيار الألفاظ البذيئة براعة جعلت «العالم كله يخشاه» من بعده، أداة لابتزاز أموال الناس. من ذلك أنه لما توفي ألفنسو ملك نابلي عن الكتابة إلى بجيو معترفاً بوصول الترجمة اللاتينية لكتاب فيروبيديا تأليف أكسانوفون Xanophon كتب الإنسان الحانق يقول: إن في مقدور القلم الطيب أن يطعن أي ملك من الملوك،