أن الرسام يتحدث إلى الناس بلغة أقرب إلى أذهانهم من لغة النحت، فهو يتحدث إليهم بالألوان التي تجتذب العين، وبالمناظر التي تروي قصصاً محببة. ولقد وجدت الكنيسة أن التصوير السريع أسرع تأثيراً في الشعب، وأقرب إلى قلوبه من كل نحت في الرخام البارد أو صب في البرنز القاتم الكئيب. ولهذا فإنه لما تقدم عهد النهضة واتسع أفق الفن وهدفه، ارتد النحت إلى الوراء، وخطا التصوير إلى الأمام، وأصبح بعد أن اتسع مداه، وتنوعت أشكاله، وأثبت ما يستطيع أن يبلغه من حذق ومهارة، هو الفن الأعلى الذي يبرز خصائص ذلك العصر، وصار هو وجه النهضة وروحها كما كان النحت أسمى التعبير الفني عند اليونان.
لكنه في الفترة التي نتحدث عنها كان لا يزال غير ناضج يتحسس طريقه إلى هذا النضوج. فأخذ باولو أتشيلو Paolo Uccello يدرس فن المنظور حتى لم يعد يهتم بشيء آخر غير هذه الدراسة، وكان الراهب أنجيلكو Fra Angelico هو المثل الأعلى الكامل للعصور الوسطى في الحياة والفن، ولكن مساتشيو وحده هو الذي أحس بالروح الجديدة التي انتصرت فيما بعد على يد بتيشيلي Botticelli وليوناردو وروفائيل.
وكان بعض ذوي المواهب الأصغر من هؤلاء شأنا قد نقلوا أصول هذا الفن وتقاليده. فقد تتلمذ جدو جدي Gaddo Gaddi على جيتو، وتتلمذ تديو جدي Taddeo Gaddi وتتلمذ جدي Taddeo Gaddi على جدو جدي، وتتلمذ أنجولو جدي Angoloo Gaddi على تديو جدي، وزين أنجولو هذا في ذلك العام المتأخر عام ١٣٨٠ كنيسة سانتا كروتشي بمظلمات من طراز مظلمات جيتو. وجمع تشينينو تشينيني Cennino Cennini تلميذ أنجولو في كتاب الفن Libro dell Arte (١٤٣٧) كل ما كان لدى عصره من معلومات في الرسم، والتركيب، والفسيفساء، والصبغات، والزيوت، والورنيش، وغيرها من مستلزمات أعمال المصور. وإلى القارئ ما ورد في الصفحة الأولى من هذا الكتاب: