فلورنس واجهة من الرخام لكنيسة سانتا ماريا نوفلا، وشاد لأسرة روتشيلاي Rucellai معبداً في كنيسة سان بانكرادسيا San Pancrazia، وقصرين فخمين ذوي تخطيط بسيط، وزين في مانتوا Mantua كتدرائية إنكوروناتا Incoronata ومعبدها وأنشأ لكنيسة سانت أندريا واجهة على صورة قوس نصر روماني.
وألف مَسْلَاةً تدعى فيلودكسوس بلغة لاتينية مثقلة بالتراكيب الاصطلاحية إلى حد لم يشك أحد معه في أنها من تأليف كاتب قديم حين قال لهم هو هذا من قبيل السخرية بالجيل الذي كان يعيش فيه. وكان يكتب رسالاته في صورة حوار مهلهل وبلغة إيطالية سهلة خالية من الزخرف يستطيع أن يقرأها رجل الأعمال الكثير المشاغل نفسه. وكان دينه رومانياً أكثر منه مسيحياً، ولكنه كان يصبح على الدوام مسيحياً حين يسمع الترانيم الكنسية. ونظر بعين بصيرته إلى الأمام، فعبر عن خوفه من أن ضعف العقائد المسيحية سيلقى بالعالم في غمار الفوضى الأخلاقية والفكرية. وكان يحب الرف المحيط بفلورنس، ويأوى إليه كل ما أستطاع، وأنطلق تيوجنيو Teogeni، وهو الشخصية التي سمى بها حواره، بقوله:
في وسعي أن استمتع في هذا المكان على مهل بصحبة الأموات العظماء، فإذا ما آثرت أن أتحدث إلى الحكماء، أو رجال الحكم، أو الشعراء العظام، فما علي إلا أن ألجأ إلى أرفف كتبي، فأجد فيها من الصحاب خيراً ممن تستطيع قصوركم أن تحبوني بهم على ما فيها من موال ومتملقين.
وكان كوزيمو يتفق معه في رأيه ولا يجد في شيخوخته سلوى أكثر من بيوته الريفية، وأصدقائه الأخصاء، ومجموعات الفنية، وكتبه. وكان يعاني آلاماً مبرحة من داء الرثية، وترك في آخر أيامه مهام الدولة الداخلي إلى لوكا بتي، فأساء هذا استخدام تلك الفرصة ليزيد بها ثروته. ولم تكن ثروة كوزيمو نفسه قد نقصت بسبب ما كان ينفقه في الصدقات، وكان