السادسة عشرة من عمره والثاني في الثانية عشرة يمسكان كتاباً تسطر فيه العذراء أغنيتها التسبيحية الذائعة الصيت- وقد استعار هذه الفكرة من الراهب لبو. وفي الصورة الثانية عبادة المجوس نرى كوزيمو راكعاً عند قدمي مريم، وبيرو راكعاً أمامهما في مستوى أوطأ، ولورندسو - وقد بلغ الآن السابعة عشرة ممسكاً بسيف رمزاً إلى أنه قد بلغ وقتئذ السن التي يجيز فيها القانون أن يقتل. وسار لورندسو وجوليانو على سنة بيرو فظلاّ يرعيان بتيتشيلي ويناظرانه، وأجمل صوره هما صورة جوليانو، وصورة محبوبته سيمونيتا فسبيوتشي Simonetta Vespucci. على أنه لم ينقطع عن رسم الصور الدينية كصورة القديس أوغسطين القوية في كنيسة آل أنيسنتي، ولكنه أخذ يتجه تدريجاً في هذه الفترة - ولعله في ذلك كان متأثراً بنفوذ دائرة آل ميديتشي- نحو موضوعات وثنية، مستمدة في العادة من الأساطير القديمة، وبفضل الأجسام العارية؛ وشاهد ذلك ما يقول فاساري من أن "بتيتشيلي صور في كثير من البيوت … عدداً كبيراً من النساء العاريات"، ويتهمه "بالانحرافات الخطيرة في معيشته"(٣٢)، ذلك أن الكتاب الإنسانيين، والأرواح الحيوانية كانوا قد جذبوا سندرو إلى حين نحو الفلسفة الأبيقورية. ويبدو أن لورندسو وجوليانو هما اللذان رسم لهما صورة مولد فينوس (١٤٨٠). وتبدو في هذه الصورة فتاة عارية تتظاهر بالاحتشام تخرج من محارة ذهبية في البحر، ولا تجد في متناول يدها غير غدائرها الطويلة الشقراء تستخدمها استخدام ورقة التين؛ وترى عن يمينها هبات النسيم المجنحة تدفعها نحو ساحل الأرض، وعن يسارها فتاة جميلة (لعلها سيمونتا) ترتدي جلباباً أبيض منقوشة عليه الأزهار، تقدم للآلهة ميدعة تزيدها جمالا على جمالها. والصورة آية في الرقة والتصميم؛ والتأليف فيها هو كل شئ، واللون في منزلة ثانوي، والواقعية متغاضى عنها، وكل شئ فيها موجه