للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نحو استثارة الخيال الأثيري عن طريق ائتلاف الخطوط المنساب المتدفق. وقد استمد بتيتشيلي فكرته من فقرة في قصيدة بوليتيان لاجيو سترا La Giostra؛ واستمد بعد ذلك من وصف هذا الكاتب في القصيدة نفسها انتصارات جوليانوا في المثاقفة والحب موضوع في صورته الوثنية الثانية المريخ والزهرة وترى الزهرة (فينوس) في هذه مكسوة غير عارية، وقد تكون في هذه المرة أيضاً هي سيمونتا؛ ويرى المريخ منهوكا ونائماً، وليس هو المحارب الفظ بل هو شاب ذو جسم لا عيب فيه، قد يخطئه المرء فيحسبه أفرديتي أخرى. وعبر بتيتشيلي أخيراً في صورة الربيع (بريمافيرا Primavera) عن طبيعة ترنيمة لورندسو لباخوس Bacchus (" من شاء أن يكون سعيداً فليسعد"): ففيها تعود القابلة للظهور ساعة المولد بردائها المسبل وقدميها اللطيفتين؛ ويرى إلى اليسار جوليانو (؟) يقتطف تفاحة من شجرة ليقدمها إلى واحدة من ربات الجمال الواقفات إلى جانبه نصف عاريات. وإلى اليسار رجل شبق يمسك بفتاة تكتسي غلالة من الضباب؛ وتشرف سيمونتا في تواضع على المنظر كله، ومن فوقها كيوبد في الهوا يرسل سهامه التي لم تعد تقع. وترمز هذه الصور الثلاث إلى أشياء كثيرة، لأن بتيتشيلي كان مولعاً بالرمزية، ولكنها كانت تمثل-وقد يكون ذلك على غير علم منه-انتصار الإنسانيين في الفن؛ وقضت الكنيسة من ذلك الحين نصف قرن (١٤٨٠ - ١٥٣٤) تكافح لاستعادة سيطرتها على موضوعات التصوير. وكأنما أراد سكستس أن يكافح في هذا الأمر كفاح الأشراف، فدعا بتيتشيلي إلى روما (١٤٨١)، وعهد إليه أن يصور ثلاثة مظلمات في معبد ستيني. ولم تكن هذه المظلمات من خير آياته الفنية، لأن مزاجه وقتئذ كان بعيداً عن التقي والصلاح؛ ولكنه لما عاد إلى فلورنس (١٤٨٥) وجد المدينة على بكرة أبيها تضطرب بعظات سفنرولا، وذهب هو ليستمع