الأقدمين الذين يجدُّون هم في الكشف عن آثارهم ونشرها والثناء عليها غرباء عن المسيح وعن الفضائل المسيحية، وليس فنهم إلا وثنية وعبادة لآلهة الكفار، أو إنها عرض فاجر للعرايا من النساء والرجال.
واضطرب لورندسو لهذا. لقد كان جده هو الذي أنشأ دير سان ماركو وأغناه، وكان هو نفسه قد حباه بالمال الكثير؛ وبدا له أن مما لا يقبله العقل أن يقوم راهب فيقضي من فوق منبر ذلك البيت المقدس الذي أنشأه آل ميديتشي على ذلك التأييد الشعبي الذي قام على أساسه سلطان أسرته، مع أن هذا الراهب لا يكاد يعرف شيئاً عن صعاب الحكم؛ ويقدس تلك الحرية التي لم تكن في حقيقتها إلا حرية الأقوياء في استغلال الضعفاء بلا وازع من سلطان القانون. وحاول لورندسو أن يسترضي الراهب، فجاء إلى دير سان ماركو ليحضر القداس، ونفح الدير بهبات سخية. ولكن سفنرولا ازدراه وسخر منه، وقال في عظة له بعد ذلك إن الكلب الأمين لا يكف عن النباح دفاعاً عن صاحبه إذا ما ألقي إليه عظم. ولما وجد في صندوق الصدقات قدراً كبيراً من الذهب على خلاف المعتاد ظن أنه جاء من لورندسو، فوهبه إلى دير آخر وقال إن النهضة تفي بحاجات إخوانه الرهبان. وبعث إليه لورندسو خمسة من زعماء المدينة ليحاولوا إقناعه بأن عظاته النارية ستؤدي إلى العنف الذي لا طائل من ورائه، وأنها قد أخذت تخل بالنظام وتهدد الأمن والسلام في فلورنس. ورد عليهم سفنرولا بأن عليهم أن يأمروا لورندسو بأن يكفر عن سيئاته، وأُغرى راهب فرنسيسي اشتهر ببلاغته أن يلقي عظات شعبية يهدف بها إلى إبعاد المستمعين من الرهبان الدمنيكيين عن سفنرولا، ولكن هذا الراهب أخفق في مهمته، وهرعت إلى سان ماركو جماعات أكبر مما كان يهرع إليه من قبل، حتى لم تعد كنيسة الدير تتسع للمستمعين. ونقل سفنرولا منبره إلى الكنيسة الكبرى ليلقي فيها عظاته في موسم الصوم الكبير من عام ١٤٩١؛ وكان هذا الصرح يزدحم بالحاضرين كما أعلن أن الراهب سيخطب فيه، مع أنه قد أنشئ لكي