يسع أهل مدينة بأكملها. ولم يحاول لورندسو بعدئذ، وكان يقاسي آلام المرض، أن يتدخل في عظاته.
وكان ضعف بيرو بعد موت والده لورندسو سبباً في أن أصبح سفنرولا أكبر قوة في فلورنس؛ ووافق البابا الجديد إسكندر السادس على كره على انفصال ديره عن المجموعات اللمباردية (من أديرة الدمنيك) التي كان هذا الدير جزءاً منها، وبهذا نصب سفنرولا نفسه من الوجهة العملية رئيساً مستقلاً لأهل ديره. فلما تم له ذلك أصلح نظمه، ورفع مستوى الرهبان الخاضعين لحكمه من الناحيتين الخلقية والعقلية؛ فانضم إلى جماعته رهبان جدد، وأحاطه أعضاء الدير البالغ عددهم ٢٥٠ عضواً بالحب والإخلاص اللذين كان عوناً قوياً له في جميع ظروف حياته ما عدا محنته الأخيرة. وأصبح سفنرولا من أجل ذلك أشد جرأة فيما يوجهه من نقد للفساد الشائع وقتئذ بين رجال الدنيا والدين على السواء. لكنه ورث على غير علم منه آراء الملحدين الولندسيين Waldensian والبتاريين Patarine المعارضة لآراء الكنيسة، وكانت هاتان الطائفتان لا تزالان تكمنان في أماكن مختلفة من شمالي إيطاليا ووسط أوربا، فأخذ يندد بالثراء الدنيوي الذي يستمتع به رجال الدين، وبما يتجلى في الحفلات الكنسية من أبهة وفخامة، ويشنع على "الأحبار الكبار الذين يضعون على رؤوسهم تيجاناً فخمة من الذهب والحجارة الكريمة … وعلى ملابسهم الجميلة وأوشحتهم المنسوجة من الديباج المقصب". وأخذ يقارن هذا بما كان عليه رجال الكنيسة الأولون من بساطة، ويقول إن هؤلاء "لم تكن لهم تيجان ذهبية وأقداح قربان إلا أقل من القليل؛ وذلك لأن القليل الذي كانوا يملكونه منها قد تحطم ليسد حاجة الفقراء والمعوزين؛ أما أحبارنا فإنهم ينهبون من الفقراء ما لا يملكون سواء ليقيموا به أودهم، ليحصلوا به على أقداحهم"(١٠). وكان يضيف إلى هذا التشهير نبوءات بسوء المصير. وكان قد تنبأ بأن لورندسو وإنوسنت