مؤخر المدينة؛ وبلغ من شدة القحط أن كان الناس يسقطون موتى من الجوع على قارعة الطريق. وافتتحت الحكومة محطات للإغاثة لمد الفقراء بالحبوب، فكانت النساء يتساقطن موتى من شدة الزحام على طلبها. وأخذ حزب آل ميديتشي يدبر المؤامرات لعودة بيرو؛ وعرفت اسماء خمسة من زعائمهم وحكم عليهم بالإعدام (١٤٩٧)؛ ومنعوا من استئناف الحكم إلى المجلس وهو الحق الذي يضمنه لهم الدستور، وأعدموا ولما يمض على صدور الحكم إلا ساعات قليلة؛ وأخذ كثيرون من الفلورنسيين يوازنون بين ما هو منتشر في الحكم الجمهوري من تحزب، وعنف، وقسوة، وبين ما كان يسود عهد لورندسو من نظام وأمن وسلام. وتكررت مظاهرات الجموع الغاضبة المعادية أمام دير سفنرولا؛ فكان الكلاب الكلبة والباكون يتراشقون بالحجارة في الشارع؛ ولما أن شرع الراهب يلقي موعظته في يوم الصعود من عام ١٤٩٧ قاطعه جماعة من الغوغاء وحاول أعداؤه في أثناء الشغب أن يقبضوا عليه ولكن أصدقاءه ردوهم على أعقابهم. وعرض حامل الأختام على مجلس السيادة أن ينفي سفنرولا من المدينة لعل ذلك يسكن من غضب الأهلين، ولكن الاقتراح رفض بأغلبية صوت واحد؛ وكان سفنرولا في هذه العاصفة التي انهارت فيها أحلامه انهياراً مريراً يواجه ويتحدى أعظم قوة في إيطاليا.