للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

احتفالا يختلف عن الاحتفال السالف الذكر. فأخذ هؤلاء الأولاد والبنات في خلال الأسبوع السابق لأيام الصوم يطوفون بالمدينة في جماعات، يدقون الأبواب، ويرجون او يطلبون في بعض الأحيان- أن يعطوا ما يسمونه «الأباطيل» أو الأشياء الملعونة (أناثمازي Anathemase) - ويقصدون بها الصور التي يرون أنها بذيئة، وأغاني الغرام، وأقنعة أعيد المساخر وملابسها، والشعر المستعار، وملابس التنكر، وأوراق اللعب، والنرد، والآلات الموسيقية، ومستحضرات التجميل، والكتب الخبيثة مثل ديكمرون أو مورجنتي مجيوري … ولما حل اليوم الأخير من أيام المساخر وهو اليوم السابع من فبراير، سار أشد الناس حماسة من أتباع سفنرولا في موكب رهيب وهو ينشدون الأناشيد خلف تمثال للطفل يسوع نحته دوناتلو يحمله أربعة أطفال في هيئة ملائكة إلى ميدان مجلس السيادة Piazza della Signoria. وكان قد أعد في ذلك الميدان من المواد القابلة للاشتعال هرم ضخم ارتفاعه ستون قدماً ومحيطه عند قاعدته مائتان وأربعون. وصفت على طبقات الهرم السبع أو ألقيت عليها جميع «الأباطيل» التي جمعت في خلال الأسبوع أو جيء بها وقتئذ لتحرق، وكان منهل مخطوطات وتحف فنية عظيمة القيمة. وأشعلت النار في الكومة من أربع نقط، ودقت أجراس قصر فيتشيو لتعلن هذا أول «حريق للأباطيل يقوم به اتباع سفنرولا (١)».

ونقلت عظات الراهب في أيام الصوم ميدان الحرب إلى روما، ذلك أن الراهب، وإن قبل المبدأ القائل بأن الكنيسة يجب أن يكون لها قسط تعتمد عليه من السلطة الزمنية، قال إن ثروة الكنيسة هي سبب انحطاطها. ولم يكن هجومه عليها وقتئذ يقف عند حد:

«إن الارض تسفك فيها أنهار الدماء، ولكن القسس لا يعبثون بشيء من هذا؛ بل إنهم ينشرون الموت الروحي بين الناس جميعاً بما يضربونه


(١) كان حرق الأباطيل بهذه الصورة من العادات القديمة التي يقوم بها الرهبان المبشرون.