وفاضت الجماهير إلى الشوارع من الكنيسة، وكانت كل عبارة جامعة محكمة تنقل ممن في داخل الكنيسة إلى من في خارجها، أما في روما فقد انقلب الناس على الراهب انقلاباً كاد يشمل جميع الأهلين وأخذوا يطالبون بإنزال العقاب به (٣٠). وحدث في إبريل من عام ١٤٩٧ أن سيطرت الكلاب الكلبة على المجلس وادعوا أن المدينة معرضة لخطر الطاعون، فحرموا الخطابة تحريماً تاماً في الكنائس بعد اليوم الخامس من شهر مايو. وانصاع الإسكندر إلى تحريض الكلبيين فوقع في الثالث عشر من مايو قراراً بحرمان الراهب، ولكنه أذاع في الوقت عينه أنه مستعد لإلغاء هذا القرار إذا استجاب سفنرولا إلى أمره بالقدوم إلى روما. وأصر الراهب على رفض الدعوة لأنه كان يخشى أن يزج به في السجن؛ ولكنه لزم الصمت ستة أشهر؛ فلما حل عيد الميلاد أنشد في سان ماركو نشيد القداس الأكبر (١)، وقدم العشاء الرباني لرهبان ديره، وسار على رأسهم في موكب كبير حول الميدان. وروع كثيرون من الناس حين رأوا رجلاً محروماً يحتفل بالقداس، ولكن الإسكندر لم يعترض على هذا العمل، بل فعل عكس هذا إذ لمح بأنه مستعد للرجوع في قرار الحرمان إذا انضمت فلورنس إلى الحلف الذي يقاوم عودة فرنسا لغزو إيطاليا (٣١). لكن مجلس السيادة رفض هذا الاقتراح ظنا منه أن الفرنسيين قد ينتصرون في هذا الغزو، وفي الحادي عشر من فبراير عام ١٤٩٨ بلغ عصيان سفنرولا غايته، فقد خطب في كنيسة سان ماركو فوصف قرار الحرمان بأنه قرار ظالم باطل، واتهم بالمروق من الدين كل من يؤيد صحته، وانتهى الأمر بأن أصدر هو قراراً بالحرمان قال فيه:
ومن اجل هذا فلتحل اللعنة Anathema على من يصدر أوامر تتعارض مع الخير. ولو أن هذا الأمر قد نطق به ملك من السماء، بل
(١) وهو الذي تصحبه الموسيقى، والطقوس، والمواكب، والبخور. (المترجم)