وغضبت الجماهير لهذا الخداع الذي حرمهم رؤية الدم المسفوك، وهاجموا القصر لكنهم صدوا، وحاول بعض الكلاب الكلبة أن يعتقلوا سفنرولا، ولكن حراسه دفعوهم عنه، وعاد الدمنيك إلى سان ماركو وسط سخرية الجماهير، وإن كان من الواضح أن الفرنسيس هم الذين كانوا السبب الأكبر في هذا التأخير: وشكا الكثيرون من أن سفنرولا قد سمح بأن يمثله دمنيكو في التحكيم الإلهي بدل أن يواجهه بنفسه، بعد أن أعلن أنه يتلقى الوحي من الله، وأن الله سيحميه. وانتشرت هذه الأفكار في المدينة، ولم يكد ينقضي الليل حتى تنحي أتباع رئيس الدير عنه.
وكان اليوم الثاني هو أحد السعف، وفيه سارت الغوغاء من جماعة الكلاب الكلبة وغيرهم تريد مهاجمة دير سان ماركو، وقتلوا في طريقهم بعض الباكين من بينهم فرانتشسكو فالوري، ولما أطلت زوجته من النافذة حين سمعت صراخه رميت بسهم أرداها قتيلة، ونهب بيته وحرق، وقتل أحد أحفاده خنقاً. ودق جرس سان ماركو يدعو الباكين إلى النجدة، ولكنهم لم يلبوا النداء، واستعد الرهبان للدفاع عن أنفسهم بالسيوف والهراوات، وأمرهم سفنرولا بأن يضعوا أسلحتهم ولكن أوامره ذهبت أدراج الرياح، ووقف هو نفسه أعزل أمام المحراب ينتظر الموت. واستبسل الرهبان في الكفاح، وأخذ الراهب إتريكو يضرب بسيفه وهو مبتهج ابتهاج غير رجال الدين، ويصرخ عن كل ضربة صرخة مدوية قائلا: أنج شعبك يا رب Salvum fuc populum tuum Domine، ولكن الجماهير الغاضبة كان أكثر من أن يطيقها الرهبان؛ وأقنعهم سفنرولا في آخر الأمر أن يضعوا أسلحتهم. ولما أن جاء الأمر من مجلس السيادة باعتقاله هو ودمنيكو، استسلم الرجلان، وسيقا وسط الجماهير التي أخذت تسخر منهما، وتضربهما بالأيدي، وتركلهما بالأقدام، وتبصق عليهما، وأودعا زنزانتين في قصر فيتيشيو، وضم الراهب سلفسترو إلى السجينين في اليوم الثاني.