للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في روما أو بالقرب منها، وحولتها إلى قلاع خاصة؛ وكانت قصورها الريفية مشيّدة بحيث تؤدي الأغراض الحربية، أو يبذلون جهدهم ليتولوا هم اختيار هؤلاء البابوات والسيطرة عليهم. وكثيراً ما أشاعوا الاضطراب الذي أدى إلى فرار البابوات من المدينة؛ حتى لقد كان البابا بيوس الثاني يدعو الله أن يجعل مدينة غير روما عاصمة ملكه (٣). ولمّا أن حارب سكسنس الرابع واسكندر السادس أولئك الأعيان كانت حروبهما مجهوداً يغتفر لهما للتمتّع ببعض الأمن الذي لابد منه للكرسي البابوي.

وكان رجال الدين هم الذين يحكمون روما عادة، لأنهم كانت بأيديهم موارد الكنيسة على اختلاف أنواعها ينفقون منها. وكان الأهلون يعتمدون على ما ينصب في المدينة من الذهب الوارد من الأقطار المختلفة، وعلى ما يستطيع رجال الكنيسة أن يستخدموهم فيه من الأعمال بفضل هذا الذهب، وعلى الصدقات التي يستطيع البابوات أن يمدوهم بها منه. ولم يكن من شأن أهل روما أن يتحمّسوا لأي إصلاح في الكنيسة يقلّل من أنصباب هذا الذهب فيها. وإذ كانوا عاجزين عن العصيان الصريح فقد استبدلوا به الهجاء اللاذع الذي لا يضارعه في هذا هجاء آخر في أية مدينة غير روما في أوربا كلها. من ذلك أن تمثالاً في البياتسا نافونا Piazza Navona، وهو في أكبر الظن تمثال لهرقول، قد أطلق عليه اسم باسكوينو Pasquino- ولعل هذا الاسم قد أخذ من اسم خياط قريب منه- واتخذ لوحة تلصق عليها أحدث عبارات القذف والطعن، وكانت في العادة عبارة عن نكت باللغة الإيطالية أو اللاتينية، وكانت توجه في أكثر الأحيان إلى البابا الحاكم، وكان أهل روما قوماً متدينين في المناسبات الخاصة على الأقل؛ فكانوا يتزاحمون لتلقّي البركة من البابا، ويفخرون بأن يحذو حذو السفراء فيقبّلوا قدميه؛ ولكن لمّا أعجز داء الرثية البابا سكستس الرابع عن أن يظهر