أمامهم في الموعد المقرر لمنح هذه البركة وجّهوا إليه أقذع ما في جعبة أهل روما من السباب. ويضاف إلى هذا أن البابوات أصبحوا، بعد أن ألغى بوجينيوسش الرابع الجمهورية في روما، حكّام المدينة الزمنيين، وبذلك كان يوجّه إليهم ما يوجّه إلى الحكومات من شتائم. وكان من سوء حظ البابوية أن يكون مقرها بين أكثر أهل إيطاليا خروجاً على القانون.
وكان البابوات يشعرون بأن لهم الحق كل الحق في أن يطالبوا لأنفسهم بقسط من السلطة الزمنية ورقعة من الأرض يمارسون فيها هذه السلطة. ذلك بأنهم وهم رؤساء منظمة دولية، لا يقبلون أن يكونوا أسرى في أيدي دولة بمفردها كما كانت حالهم في واقع الأمر في أفنيون. فإذا ما ضيق عليهم إلى هذا الحد عجزوا لا محالة عن أن يقدّموا للناس جميعاً خدماتهم نزيهة من غير تفرقة بينهم؛ وعجزوا أكثر من هذا عن أن يحققوا حلمهم العظيم وهو أن يكونوا الحكّام الروحيين لجميع الحكومات. ولقد كانت "هبة قسطنطين" المزعومة وثيقة واضحة التزوير (كما اعترف بذلك نقولاس باستئجار فلاّ "، ولكن إهداء بيبين إيطاليا الوسطى للبابوية (٧٥٥)، ذلك الإهداء الذي أيده شارلمان، (٧٧٣) من الحقائق التاريخية التي لا شك فيها. وكان البابوات قد سكّوا لهم عملة خاصة منذ عام ٧٨٢ إن لم يكن قبل ذلك التاريخ (٤)، ولم يرتّب أحد في حقهم هذا قروناً طوالا. وكان توحيد السلطات المحلية، الإقطاعية أو الحربية، يسير في الولايات البابوية سيره في غيرها من الأمم الأوربية. فإذا كان البابوات من أيام نقولاس الخامس إلى أيام كلمنت السابع قد حكموا الولايات الخاضعة لهم حكم الملوك أصحاب السلطة المطلقة، فقد كانوا يتّبعون في هذا ما جرى به العرف في زمانهم، وكان من حقهم أن يشكّوا إذا قام مصلحون مثل جيرسن Gerson مدير جامعة باريس يطالب بالدمقراطية في الكنيسة ولكنه يستنكرها في الدولة. والحق أنه لا الدولة ولا الكنيسة كانت مستعدة للدمقراطية في