الوقت الذي لم تكن الطباعة قد أخذت فيه تعم وتنتشر. ذلك أن نقولاس الخامس قد ارتقى عرش البابوية قبل أن يطبع جوتنبرج الكتاب المقدس بسبع سنين، وقبل أن يصل فن الطباعة إلى روما بثلاثين سنة، وقبل أن ينشر ألدوس مانوتيوس أول كتاب من كتب الآداب القديمة. وملاك القول أن الديمقراطية ترف لا يستمتع به إلاّ إذا تثقفت العقول وساد الأمن والسلام.
وكان حكم البابوات الزمني ينبسط مباشرة على ما كان الأقدمون يسمّونه إقليم لاتيوم (وهو إقليم لادسيو في هذه الأيام)، وعلى جزء صغير من الإقليم المحصور بين تسكانيا، وأمبريا، ومملكة نابلي، والبحر الترهيني. وكانوا فضلاً عن هذا يدّعون أنهم أصحاب أمبريا نفسها وولايات الحدود، ورومانيا Romogna ( وهي رومانيا Romania القديمة). ويتكون من هذه الأصقاع الأربعة منطقة عريضة تمتد في عرض إيطاليا من البحر إلى البحر، وتضم نحو ست وعشرين مدينة كان البابوات متى شاءوا يحكمونها بأيدي نائبين عنهم أو يقسمونها بين حكّام الأقاليم الأخرى. وفضلاً عن هذا وذاك كان البابوات يدّعن أن صقلية ومملكة نابلي كلها إقطاعيتان باباويتان، مستندين في ذلك إلى اتفاق عقد بين البابا إنوسنت الثالث وفردريك الثاني؛ وأصبح أداء هاتين الدولتين جعلاً إقطاعياً للبابوية من أكبر أسباب النزاع بين حاكميها والبابوات. يضاف إلى هذا كله أن الكونتة ماتلدا كانت قد أوصت للبابوات (١١٠٧) بتسكانيا كلها تقريباً، بوصفها من ممتلكاتها الإقطاعية الخاصة، بما في ذلك فلورنس، ولوكا، وبستويا، وبيزا، وسينا، وأردتسو؛ وكان البابوات يطالبون بأن تكون لهم على جميع هذه الأملاك حقوق السادة الإقطاعية، ولكنهم قلّما كانوا يستطيعون أن ينفّذوا مطلبهم هذا ويجعلوه من الحقائق الواقعة.
وكانت البابوية تعاني الأمرّين من جرّاء الفساد الداخلي، وعجزها